ثمّ استأذنه (عليه السّلام) في أنْ
يتكلّم ، فقال يزيد : نعم على أنْ لا تقل هجراً. قال (ع) : لقد «وقفت موقفاً لا
ينبغي لمثلي أنْ يقول الهجر ، ما ظنّك برسول الله (ص) لَو يراني على هذه الحال؟» فأمر
يزيد بأن يفكّ الغل منه [٣].
وأمر يزيد الخطيب أن يثني على معاوية
وينال من الحسين وآله ، فأكثر الخطيب من الوقيعة في علي والحسين (عليهما السّلام) فصاح
به السّجاد (ع) : «لقد اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فتبوّأ مقعدك من النّار»
[٤] :
أعلى المنابر تعلنون بسبّه
وبسيفه نُصِبَتْ لكم أعوادها
وقال ليزيد : «أتأذن لي أن أرقى هذه
الأعواد ، فأتكلّم بكلام لله تعالى رضىً ولهؤلاء أجر وثواب؟» فأبى يزيد ، وألحّ
النّاس عليه فلَم يقبل ، فقال ابنه معاوية : إئذن له ، ما قدر أنْ يأتي به؟ فقال
يزيد : إنّ هؤلاء ورثوا العلم والفصاحة [٥]
وزقّوا العلم زقّاً [٦].
وما زالوا به حتّى أذِن له.
فقال (ع) : «الحمد لله الذي لا بداية له
، والدائم الذي لا نفاد له ، والأول الذي لا أوليّة له ، والآخر الذي لا آخريّة له
، والباقي بعد فناء الخلق ، قدّر الليالي والأيّام ، وقسّم فيما بينهم الأقسام ، فتبارك
الله الملك العلاّم ، إلى أنْ قال : أيّها النّاس اُعطينا ستّاً وفضّلنا بسبع ، اُعطينا
؛ العلم والحلم والسّماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين ، وفُضلنا
؛ بأنَّ منّا النّبي والصدّيق والطيّار وأسد الله وأسد رسوله وسبطا هذه الاُمّة.
أيّها النّاس مَن عرفني فقد
[١] العقد الفريد ٢ ص
٣١٣ ، وتاريخ الطبري ٦ ص ٢٦٧ ، تفسير علي بن إبراهيم ص ٦٠٣ ، في الشورى.
[٢] المحاضرات للراغب
الاصفهاني ١ ص ٧٧٥ ، باب مَن يبجح بمعادات ذويه ، وهذا البيت من أبيات خمسة للفضل
بن العبّاس بن عتبة بن أبي لهب ذكرها أبو تمام في الحماسة راجع (شرح التبريزي ١ ص ٢٢٣).