فكذا حقيقة
المعصية إنما هي عدم الطاعة التي هي صفة الوجود ونور العقل ، فهي عدم كأصلها وإن
كانت كأصلها في مرتبتها شيئاً موجوداً ، ولكنّه في الحقيقة إنما هو عدمُ شيء هو
الكمال ، فهي كظلّ الجدار الحادث من إشراق نور شعاع الشمس على وجه الجدار ؛ فإنه
في مرتبته ، وبحسب الظاهر شيء ، وفي الحقيقة ليس بشيء وإنما حقيقته عدم نور شعاع
الشمس ؛ ولذا لم يكن له فضل ولا إفضال ولا فيض ، فهي مجتثّة من فوق أرض النفوس أي
لا قرار لها ؛ لاجتثاث أصلها فلا ممعاد [٢] لها من الوجود ، والعقل القارّ الثابت. والفاعل لها بما
أنعم الله عليه به من الآلة التي وهبها له ليطيعه بها فعصاه بها دائماً يهوي بها
وبنيّتها في دركات الجحيم ؛ لأنه بذلك لا يزال مُدبِراً عن الحقّ.
ومن ذلك يُعلم
حال الكافر ونيّته ، فهم يسحبون على وجوههم ؛ لأنهم مدبرون عن الحقّ أبداً ،
وقلوبهم منكوسة فليس لها ما تنتهي إليه من الحقّ. فهذا معنى سحبهم على وجوههم ، أي
مدبرون عن الحقّ.
ومن هنا يُعلم
أن الطاعة بعشر والمعصية بواحدة ؛ لأنها نقطة لا تقبل التكثّر ، وأن ذلك مقتضى
العدل.
[١] انظر : الخصال ٢
: ٥٨٨ ـ ٥٩١ ، أبواب السبعين وما فوقه / ١٣ ، بحار الأنوار ١ : ١٠٩ ـ ١١١ / ٧.