المعاني المدلول
عليها بالألفاظ ، سواء كانت المعاني مفردة أو مركّبة ولا دور هنا ، فإنّا لا
نستفيد العلم بتلك المسمّيات من تلك الألفاظ ، بل نستفيد قصد المتكلّم أو غرضه من
المعاني المفردة من ذلك اللفظ المفرد » فغافلة عن مرادهم بما توهّموا وعجز عن دفع
المحذور من أصله ، فإنّهم على ما عرفت لا ينكرون غرضيّة ما ذكره بل يعترفون به ،
ولم يوردوا فيه دورا وإنّما أوردوه فيما ذكرناه ودفعناه كما دفعه المحقّقون.
وثانيهما
: في وجه تخصيصهم إشكال الدور بالألفاظ
المفردة ، بواسطة تقييد الألفاظ في
عنوان القاعدة « بالمفردة » المخرجة للألفاظ المركّبة ، فيمكن القول بأنّه بناء
على القول بانتفاء الوضع في الألفاظ المركّبة ، فلا وضع فيها حتّى ينظر في أنّ
الغرض منه هل هو إفادة معانيها أو لا ، وأنّه على الأوّل هل يستتبع الدور أو لا ،
لكنّه بعيد عن كلماتهم جدّا ، بل الّذي ينبغي أن يقال : إنّه بناء على منع لزوم
الدور هنا لو كان الغرض من الوضع إفادة المعاني ، فإنّ معاني المركّبات تحصل في
ذهن السامع قهرا بواسطة حصول معاني مفرداتها ، مع نسبها المخصوصة الطارئة لها
بواسطة الحركات المخصوصة اللاحقة لألفاظها ، من غير توقّف له على العلم بالوضع
الثابت لها.
وإن شئت صدق هذه
المقالة لاحظ عبارة الجماعة ، فإنّها مصرّحة بذلك ، قال في المنية ـ بعد ما قرّر
سؤال الدور بالنسبة إلى الألفاظ المركّبة ـ : بأنّ هذا بعينه وارد في المركّبات ،
فإنّا لا نفهم منها معانيها إلاّ بعد العلم بكونها موضوعة لتلك المعاني ، وذلك
يستدعي سبق العلم بتلك المعاني ، فلو استفيد العلم بتلك المعاني من تلك الألفاظ
المركّبة لزم الدور.
قلت : لا نسلّم
أنّ إفادة الألفاظ المركّبة لمعانيها يتوقّف على العلم بكونها موضوعة لها ، وبيان
ذلك : أنّا متى علمنا كون كلّ واحد من تلك الألفاظ المفردة موضوعا لمعناه ، وعلمنا
أيضا كون حركات تلك الألفاظ المفردة دالّة على النسب المخصوصة لتلك المعاني ، فإذا
توالت الألفاظ المفردة بحركاتها المخصوصة على