لمّا كانت مطلوبة
عنده ارتسم صورتها في خياله لكثرة ما ناجى به نفسه ، فإذا أورد صورة الطبخ في
خياله جاز أن يعبّر به عنها.
ومن الفضلاء من
زعمه لعلاقة الاشتراك في المطلوبيّة ، تعليلا بأنّ السامع ينزّل ما هو مطلوب عنده
واقعا من الجبّة والقميص منزلة ما فرضه السائل مطلوبا له من الشيء المطعوم ، الّذي
واعده على بذله بدليل نسبة الطبخ إليه ، فهو يدّعي اتّحادهما في الجنس قصدا إلى
إلزام المخاطب على حسبما التزم به ، وعلى هذا فكلّ من الجبّة والقميص استعارة
بالكناية لعلاقة الاشتراك في وصف المطلوبيّة ... الخ [١].
وفي هذه الوجوه من
الضعف ـ بعد كون الجميع تكلّفا لا حاجة إلى ارتكابه ـ ما لا يخفى ، ولا سيّما
الأخير فإنّ الاشتراك في المطلوبيّة لا يندرج في الوصف الظاهر ، فلو قيل : إنّه من
باب إطلاق الأخصّ على الأعمّ ـ كما تقدّم في إطلاق المرسن على الأنف ـ كان ألصق
وأوجه ، فإنّ الطبخ بحسب الأصل والمتعارف عبارة عن إرقاء المطعوم من المأكول
والمشروب وغيره ممّا يتوقّف كماله على عمل من النار إلى مرتبة الكمال ، فإذا ألقى
عنه الخصوصيّة كان عبارة عن إرقاء كلّ شيء إلى مرتبة الكمال ، بناء على أنّ كمال
كلّ شيء بلوغه حدّا يترتّب عليه الغاية المقصودة والفائدة المطلوبة منه ، كصلاحيّة
الأكل في المأكول والشرب في المشروب ، واللبس في الملبوس وهكذا ، فهو بهذا المعنى
العامّ يطلق على خياطة الجبّة والقميص وغيرها.
وأنت إذا لاحظت
المحاورة لوجدت هذا الإطلاق شائع التداول في غير الخياطة أيضا ، ولا جهة له ممّا
قدّمناه إلاّ ما قرّرناه.
السابعة
: اختلفوا في اشتراط
المجاز بنقل احاده ـ المعبّر عنها بأعيان المجازات ـ عن الواضع وعدمه ، فالجمهور
على الثاني ، وادّعى عليه الشهرة فيكتفي بنقل نوع العلاقة ولا حاجة معه إلى نقل
الاحاد ، وشرذمة على الأوّل ،