العلم ، فالوقوف [١] على ساحل التوقف [٢] مستفيضة [٣].
نعم ، يأتي على
مذهب القائلين بحجّية البراءة الأصليّة عدم تحتّم الاحتياط مع فقد العلم وإن
استحبّ ، بل العمل بموجب البراءة الأصليّة. وسيأتي في بعض درر هذا الكتاب [٤] إن شاء الله
تعالى حكم البراءة الأصليّة وبيان عدم حجيّتها.
وأمّا الحكم في
الثاني ، فليس مثل الأوّل في وجوب الفحص والسؤال ، بل كثيرا ما ورد في الأخبار في
بعض أفراده النهي عن السؤال [٥] ، وهو غير منضبط ولا مبنيّ على قاعدة كالأوّل ، فربما
اعتبر الشارع [٦] البناء فيه على الأصل تارة ، كالبناء على الطهارة ، لما
ورد أن «كلّ شيء
طاهر ، حتى تعلم أنه قذر»[٧].
والأصل هنا
بمعنى الراجح الذي هو أحد معانيه ، وربما اعتبر تارة البناء على الظاهر ، كما في
الحكم بحلّيّة الأشياء وإن علم فيها الحرام لا بعينه لما ورد أن «كلّ شيء فيه حلال
وحرام فهو لك حلال ، حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه»[٨] ، فإن مرجع الحكم بالحلّيّة إلى عدم العلم بكونه محرما
وإن كان كذلك في نفس الأمر.
وربما اعتبر
البناء على الجهل ، كالتزويج في العدّة مع العلم بالتحريم وجهل العدة ، فإنه يجوز
له التزويج ، ولا يجب عليه الفحص والسؤال ، ولا الاحتياط ؛ وإن كان
[٥] الفقيه ٤ : ٥٣ /
١٩٣ ، وسائل الشيعة ٢٧ : ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٨.
[٦] في الأخبار
الدالّة على النهي عن السؤال في اشتراء الجبن والشراء من سوق المسلمين ، وفيها
صحيحة البزنطيّ في شراء الجيّد من السوق ، ونحوها. منه رحمهالله
، (هامش «ح»).
[٧] تهذيب الأحكام ١
: ٢٨٤ ـ ٢٨٥ / ٨٣٢ ، وسائل الشيعة ٣ : ٤٦٧ ، أبواب النجاسات ، ب ٣٧ ، ح ٤ ، وفيهما
: «نظيف» بدل : «طاهر».
[٨] الكافي ٥ : ٣١٣
/ ٣٩ ، باب نوادر كتاب المعيشة ، الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٢ ، وسائل الشيعة ١٧ : ٨٩ ،
أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤ ، باختلاف فيها.