أكثر ؛ ولذلك
يختلف مراتب الظنّ بعلّيّة المدارات ، فإنّه لو وجد في محلّ واحد بالحدوث والزوال
مرّة يحصل منه ظنّ ضعيف ، وربّما لم يحصل منه شيء.
استدراك
قد دريت ممّا ذكر
أنّ ما يقتضيه قواعد الإماميّة بطلان كلّ قياس طريق إثباته إحدى الطرق المذكورة [١] ـ وهو : قياس الإخالة ، وقياس الشبه ، وقياس السبر ، وقياس الطرد البسيط ،
وقياس الطرد المركّب ، ويجمعها قياس مرجوح التأثير ـ وعدم صلاحيته للتقوية
والتأييد ، ولكن له بعض هذه الطرق التي يمكن الاستدلال بها على حكم أوّلا ، وجعله
علّة له من غير أن يجعل طريقا للقياس ، كالمناسبة.
والشبه لا يمتنع
أن يجعل مؤيّدا ومرجّحا ؛ لأنّ ما يثبت بطلانه بالقاطع هو العمل بالقياس الذي كان
طريق إثباته إحدى الطرق المذكورة ، لا بنفس هذه الطرق ، فإذا حصل من بعضها ظنّ
بثبوت حكم أوّلا ، فلا بأس بجعله مرجّحا وإن لم يصلح أن يكون مؤسّسا للحكم.
فصل [١٥]
لمّا عرفت أنّ
لطريق معرفة العلّة أقساما [٢] ، فيجب أن تعلم أنّ لنفسها أيضا أقساما ؛ لأنّها إمّا
متعدّية ، وهي التي تتجاوز عن الأصل ، فتوجد في غيره ، كتعليل حكمه بما يشارك به
غيره. أو قاصرة وهي التي لا تتجاوز عنه ، كتعليل حكمه به ، أو بما يختصّ به.
وأيضا علّة الحكم
إمّا محلّه ، كتعليل حرمة الخمر بكونه خمرا عند الحنفيّة [٣]. أو جزؤه ، كتعليل خيار الرؤية في بيع الغائب بكونه عقد معاوضة. أو خارج عنه.
والخارج إمّا وصف شرعي ، كتعليل جواز رهن المشاع بجواز بيعه. أو عرفي كتعليل عدم
جواز
[١] راجع : تهذيب
الوصول : ٢٥١ ، والوافية : ٢٣٧ ـ ٢٣٩.