بالعكس لتصحيح
الحكم الشرعي ؛ فإنّه لو لم يرتكب ذلك في بعض الموارد يلزم الإشكال. مثلا : ورثة
المقتول يورّثون الدية عنه ، وشرط التوريث دخول ما يورّث في ملك المورّث ، مع أنّ
الدية لم تدخل في ملكه في حياته ؛ لعدم جواز تقدّم المسبّب على السبب ، ولا معنى
لدخولها في ملكه بعد موته ، فيقدّر دخولها في ملكه قبل موته في آن لتمكّن التوريث
، فقدّر المعدوم موجودا.
ومن هذا القبيل
جميع ما يسمّى بالملك الضمني ، كما إذا اشترى رجل أباه ، فإنّه يقدّر دخوله في
ملكه في آن ، ثمّ يعتق عليه.
ومنه ما إذا قال
لغيره : « أعتق عبدك عنّي » أو « أدّ من مالك ديني ». وليس هذه الامور من باب الكشف
بمعنى أنّه يتبيّن بعد تقدّم الملكيّة ؛ إذ ذلك مستلزم لتقدّم سبب الملكيّة ، وهنا
لم يتحقّق سبب أصلا.
فصل [٧]
لا شبهة في أنّ
المندوب ليس بتكليف ؛ لأنّه من الكلفة ، أي المشقّة ، وما ليس فعله لازما ليس فيه
مشقّة. واشتماله على المشقّة إذا فعل لتحصيل الثواب ، لا يستلزم كونه شاقّا مطلقا.
ويظهر الفائدة إذا قال بعنوان النذر أو اليمين وأمثالهما : « عليّ أن أؤدّي تكليفا
».
قد اختلف في كونه
مأمورا به ، والحقّ أنّه ليس بمأمور به حقيقة ؛ لأنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، فما
ليس واجبا ليس بمأمور به ، ولأنّ خلاف الأمر معصية ، كما يدلّ عليه الآية [١] والأخبار [٢] ، ومخالفة الندب ليست كذلك ؛ ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لو لا أن أشقّ على أمّتي ، لأمرتهم بالسواك » [٣]. وحمل القول بأنّ المعصية في مخالفة الأمر الإيجابي [٤] ؛ وحمل الأمر في قوله عليهالسلام عليه أيضا [٥] ، تخصيص من غير
دليل.
[١] وهي قوله تعالى
: (أَفَعَصَيْتَ
أَمْرِي)
، طه (٢٠) : ٩٣.
[٢] راجع : جامع
الاصول ٧ : ٦١٨ ، ح ٥٧٨١ ، وتهذيب الوصول : ٩٧ ، فاستدلّ العلاّمة فيه برواية
بريرة.