قد يتداخل بعض
الأسباب ، كأسباب الوضوء أو الغسل. فإن نوى رفع واحد منها يرتفع الجميع ، ولا
يحتاج إلى نيّة رفع غيره. نعم ، إن نوى عدم رفع غيره يبطل.
والحقّ أنّ هذا
الحكم يعمّ أسباب الأغسال الواجبة والمسنونة.
ومنه موجبات
الإفطار في يوم واحد بالنسبة إلى التكفير ، والسرقات المتكرّرة مع عدم الظفر
بالسارق ، ومرّات الزنى بالنسبة إلى وجوب الحدّ ، وأسباب سجود السهو على رأي بعض
الأصحاب [١] ، ومرّات وطء الشبهة بالنسبة إلى وجوب مهر واحد [٢].
ثمّ الأصل عدم
تداخل الأسباب ؛ لأنّ العقل حاكم بأنّ كلّ سبب يجب أن يترتّب عليه منفردا مسبّبه ،
وكلّ علّة يجب أن يوجد معلوله [٣] وحدها [٤] إذا كانت مستقلّة في العلّيّة ، وإلاّ يلزم توارد العلل
على المعلول الواحد.
والقول بأنّ علل
الشرع معرّفات يجوز تواردها على معلول واحد [٥] ، كلام خال عن
التحقيق ؛ فإنّ الشارع إذا جعل أشياء أسبابا لأمر ، كلّ واحد منها مستقلّ في
سببيّته له ، فبعد حصول كلّ واحد منها يجب صدور مسبّبه على حدة وإن حصلت جميعا
دفعة ؛ لأنّ ذلك حكم السببيّة والمسبّبيّة ، ولا جهة للاكتفاء بواحد للجميع [٦].
نعم ، يجوز
التخلّف في العلل الشرعيّة بدليل خارجيّ ، بخلاف العلل العقليّة ، فالأسباب
المذكورة التي وقع فيها التداخل لأجل الدليل الخارجي ، مثلا علّة تداخل أسباب
الوضوء أو الغسل أنّه لا معنى لارتفاع نفس الأحداث التي هي أسباب ، بل المرتفع
القدر المشترك
[٥] قال الشهيد في
القواعد والفوائد ١ : ٣٩ : « السبب ... اصطلاحا ، كلّ وصف ظاهر منضبط دلّ الدليل
على كونه معرّفا لإثبات حكم شرعي ».
[٦] والاكتفاء وعدم
الاكتفاء بواحد للجميع عبارة عن تداخل المسبّبات وعدمه ، دون تداخل الأسباب وعدمه
، والكلام في الثاني دون الأوّل ، وكذا قوله : « ارتفاع القدر المشترك يحصل بواحد
».