ومن هنا حدث التخالف في الموقف بين النهجين
، هذا يحدّث ويدوّن ، وذاك يقول بالإقلال ومنع التحديث والتدوين ، وهذا
يقول بلزوم عرض المنقول عن رسول الله على القرآن ، فإن وافقه يؤخذ به وإن
خالفه يُضرب به عرض الجدار ، والآخر يقول بعدم ضرورة ذلك ويعتبره من عمل
الزنادقة ، وبذلك ارتسمت الأصول الفكرية للطرفين تدريجيّاً.
عثمان والاجتهاد
وفي خضم هذه الأحداث وإمساك نهج الاجتهاد
والرأي بزمام الأمور ، تسنّى لهم أن يجعلوا سيرة الشيخين قسيماً ثالثاً لكتاب الله وسنّة النبي صلىاللهعليهوآله
فاشترطوا على من يلي الخلافة بعد عمر أن يذعن لهذه القاعدة النابعة من
الاجتهاد ، فقبل عثمان بن عفّان ذلك ، وأبى الإمام عليٌّ أشدّ الإباء ،
لأنّ قبول ذلك الشرط يعني التخلي عن مدرسة التعبد المحض ،
[٢] سنن الدارمي ١ :
١٣٦. ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ : ٦٤ ، وابن سعد في طبقاته ٢ :
٣٥٤. وروى هذا الحديث البخاري في صحيحه ٦ : ٢٥ لكنّه بتره ولم يذكر نهي
عثمان ولا الفتى القرشي الرقيب الجاسوس ، بل اكتفى بذكر قول أبي ذر « لو
وضعتم الصمصامة » ... الخ.
نام کتاب : لماذا الاختلاف في الوضوء نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 1 صفحه : 28