٩ ـ حكمة فضيلة علم الإنسان وفي مقابله
جهله بمقدار عمره ، وإلاّ لم يكن يتهنّأ بالعيش أو يستقرّ له قرار :
«تأمّل الآن يامفضّل! ما ستر عن الإنسان علمه من
مدّة حياته.
فإنّه
لو عرف مقدار عمره وكان قصير العمر لم يتهنّأ بالعيش مع ترقّب الموت وتوقّعه لوقت
قد عرفه ، بل كان[٢]بمنزلة من قد فنى ماله أو قارب الفناء فقد
إستشعر الفقر والوجل من فناء ماله وخوف الفقر ، على أنّ الذي يدخل على الإنسان من
فناء العمر أعظم ممّا يدخل عليه من فناء المال ؛ لأنّ من يقلّ ماله يأمل أن يستخلف
منه فيسكن إلى ذلك ، ومن أيقن بفناء العمر إستحكم عليه اليأس.
وإن
كان طويل العمر ، ثمّ عرف ذلك وثق بالبقاء وإنهمك في اللذّات والمعاصي ، وعمل على
أنّه يبلغ من ذلك شهوته ثمّ يتوب في آخر عمره ، وهذا مذهب لا يرضاه اللّه من عباده
ولا يقبله» [٣].
١٠ ـ عجيب الحكمة في عدم تشابه الناس
بعضهم ببعض لأنّهم يحتاجون إلى الإمتياز وحفظ الأنساب بخلاف الوحوش والطير ، فإنّها
لم تحتج إلى ذلك فجعلت متشابهة ، مع عجائب اُخرى في التدبير :
«اعتبر لِمَ لا يتشابه الناس واحد بالآخر كما
يتشابه الوحوش