إن امعان النظر إلى الجانب اللغوي
والتفسيري والروائي لمعنى هذه الآية مع لحاظ سياق الآية يقودنا إلى النتائج التالية :
١. ان معنى الأحقاب لغة هي مدة من
الزمان مبهمة ، وإذا كان كذلك فهي غير محددة بمدة معينة ، وبناءً على ذلك
يمكن القول بأن الآية دالة على اللبث الابدي في النار ، كما استنتج القرطبي
بقوله : قال ابن كيسان : قوله : ( لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا )
لا غاية لها انتهاءً ، فكأنه قال أبداً. [١]
٢. ان تفسير الآية على كلا الوجهين
اللذين تقدم ذكرهما لا يدل على انقطاع العذاب عن الكفار ، بل يدلّ على دوامه.
٣. الآية وعيد للطاغين المكذبين للمعاد
والنبوة وبكل ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لما عقبه بقوله : (
إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا
وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ) وعلى هذا فالآية غير شاملة للمذنبين ـ من المؤمنين كما ذهبت إليه بعض الروايات ـ حتى يقال إنها لاخراج المذنبين من المؤمنين.
٤. ومما يؤيد كون المقصود من قوله : ( لَّابِثِينَ فِيهَا
أَحْقَابًا )
تأبيد العذاب هو قوله تعالى : (
فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا )
قال العلامة الطباطبائي : إن المراد بقوله تعالى : (
فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا )
أن ما تذوقونه بعد عذاب ذقتموه عذاب آخر ، فهو عذاب بعد عذاب ، وعذاب على
عذاب ، فلا تزالون يضاف عذاب جديد إلى عذابكم القديم ، فاقنطوا من أن
تنالوا شيئاً مما تطلبون وتحبون. [٢]
وقال المراغي : قوله : ( فَذُوقُوا فَلَن
نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ) أن فيها تقريعاً وتوبيخاً لهم في يوم الفصل ، وغضباً من الرحم الراحمين ، وتيئيساً من الغفران. [٣]
وقال الشيخ البروسوي : وقد روي عن النبي
عليهمالسلام
أن هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النار ، أي لأن فيها الاياس من الخروج ، فكلما استغاثوا من