المحرمات ، فالتجاوز
لحقوق الآخرين أكبر معصية عند الله ، ولا يليق بالرحمة ، وليس من عدله أن
يترك الظالمين والطغاة الذين عاثوا الفساد في الأرض وقتلوا الأبرياء ،
وارتكبوا أنواعاً من الظلم والفساد ، أو الذين تصدوا لمحاربة الأنبياء
والمرسلين ، وكذبوا بالرسالات الالهية ، لانهم ليسوا مقصرين في حق أنفسهم
فقط ، كما هو واضح ، فترك عقاب هؤلاء هو عين الظلم ، تعالى الله عن ذلك.
على أن ترك التكاليف العبادية أمثال الصوم والصلاة يلازمه في كثير من
الأحيان الفساد الاجتماعي ، لأنه يؤدي إلى تشجيع الآخرين على تركها ، فيكون
تضعيفاً للدين وإشاعةً للفساد. كما أن وجهه الثالث مبني على القول بالجبر
الذي هو بديهي البطلان.
١٠. محمد إقبال
اللاهوري ( المتوفى ١٩٣٨م )
يذهب محمد إقبال إلى انه ليس في الاسلام
لعنة أبدية ، وأن لفظ الأبدية الذي جاء في بعض الآيات وصفاً للنار ، يفسره القرآن نفسه بأنه حقبة من الزمان ، قال تعالى : (
لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا )
يرى أن النار كما يصورها القرآن ليست
هاوية من عذاب مقيم يسلطها عليهم للانتقام ، بل هي تجربة للتقويم قد تجعل
النفس القاسية المتحجرة تحس مرة أخرى بنفحات حية من رضوان الله. [١]
التحقيق في قول محمد
اقبال
محمد إقبال يتمسك في إثبات انقطاع
العذاب بقوله تعالى : (
لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا )
وقد أثبتنا فيما سبق في الفصل الثاني أن هذه الآية لاتدل على انقطاع العذاب.
[١].
محمد بو عزيزي ، محمد
اقبال فكره الديني والفلسفي ، ص ٤٤٤ ؛ وراجع : محمد اقبال لاهوري ، احياى فكر
دينى در اسلام ، ص
١٤٢.