(
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )[١] حيث عطف سبحانه وتعالى العمل الصالح على الايمان ، والعطف يقتضي المغايرة ، ولو كان العمل من الايمان لكانت الآية تكريراً. [٢]
فالايمان ليس من عمل الجوارح ، بل هو من
أعمال القلب ، لقوله تعالى : ( ...أُولَٰئِكَ
كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ... ) ، [٣]
وقوله تعالى : (
... إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ... )[٤] ،
[٥] وعلى هذا فمرتكب الكبيرة لا يخرج
بارتكابه المعصية عن الايمان ، ويصدق عليه مؤمن ، ولكنه يقيد بالفسق ، فهو
مؤمن بتصديقه ، وفاسق بارتكابه المعصية ، وبناءً على ذلك يبطل أيضاً قولهم
بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين منزلتي المؤمن والكافر ، لأن مرتكب الكبيرة
عندهم ليس بمؤمن.
٢. نقد قولهم في
الاحباط
قال المتكلمون : إنه لا خلاف في أن
الكفر يزيل استحقاق ثواب الطاعات السابقة والايمان يزيل استحقاق العقاب
السابق ، فيمكن أن يقال باشتراط وصول ثواب الطاعات على عدم حصول الكفر
والموت على الايمان ، وكذا حصول العقاب بالكفر مشروط بعدم الايمان والموت
على الكفر ، والقرآن الكريم صريح في ذلك : (
... لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ... )
، [٦] وما يدلّ على قبول التوبة قبل
الموت وسقوط الذنب حينئذ صريح في عكس ذلك. وإنما الخلاف في المؤمن الذي
ارتكب الكبائر ، فهل يجوز في حقه اجتماع استحقاق الثواب والعقاب من غير أن
يحبط أحدهما الآخر أم لا ؟ والمعتزلة ـ