عرّضت
بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تراثاً ، ولعمر الله لقد أورثنا الرّسول صلىاللهعليهوآله ولادة ، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت
الرّسول صلىاللهعليهوآله ، فأذْعنَ للحجّة
بذلك ، وردّه الإيمان إلى النّصف ؛ فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم كان
ويكون حتّى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا
اُولي الأبصار.
وذكرتَ
قيادةَ الرجلِ القومَ بعهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوتأميرَه
له ، وقد كان ذلك لعمرو ابن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرّسول وببعثه له ، وما صار
لعمرو يومئذ حتّى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدّوا عليه أفعاله ، فقال صلىاللهعليهوآله : لا جَرَمَ يا معشرَ المهاجرين ، لا يعمل
عليكم بعد اليوم غيري ، فكيف تحتجُّ بالمنسوخ من فعل الرّسول في أوكد الأحكام
وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف ضاهيتَ بصاحب تابعاً وحولك من يُؤمن في
صحبته ، ويُعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون ، تريد أن تُلبس
النّاس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك؟! إنّ هذا لهو
الخسران المبين ، واستغفر الله لي ولكم.
وذهل معاوية من خطاب الإمام عليهالسلام ، وضاقت عليه جميع
السبل ، فقال لابن عباس : ما هذا يابن عباس؟ فقال ابن عباس : لعمر الله! إنّها
لذرّية رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وأحد أصحاب الكساء ، ومِنَ البيت المطهّر ، فاسأله عمّا تريد ؛ فإنّ لك في
النّاس مقنعاً حتّى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين [١].
وقد اتّسم موقف الإمام الحسين عليهالسلام مع معاوية بالشدّة
والصّرامة ، وأخذ يدعو المسلمين علناً إلى مقاومة معاوية ، ويحذّرهم من سياسته
الهدّامة التي تحمل الدمار إلى الإسلام.