خلقها الله من نفسها ، وخلق الأشياء كلّها منها وبها ، وهي بأجمعها راجعة
إليها ، ساجدة لها ، متحيّرة فيها ، مقبلة عليها ، فهي الحاكمة على الكلّ في الكلّ
، والمشهودة في الكلّ للكلّ ، والمحيطة بالكلّ ، والسارية في الكلّ.
فالكلّ بوجودها
قائمون ، وفي اكتناه مقامها متحيّرون ، فهي العلّة الثانويّة لوجود كلّ شيء ،
والمبدأ لخلق كلّ شيء ؛ كما قال : (خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ واحِدَةٍ)[١].
وقال عليه
السلام : إنّ الله خلق الأشياء بالمشيّة [٢].
ولعلّ هذا هو
السرّ في تكرار لفظ «الإنسان» مع أنّ المقام مقام الإضمار ؛ كما لا يخفى.
نعم يحتمل
كونها مرادة منه في تلك الآية أيضا بملاحظة أنّه تعالى أراد أن يخبر عن الخلق
الجديد الثانويّ للمشيّة ، وهو إبرازها في الهيكل الناسوتيّ العنصريّ الجسمانيّ ،
أي لقد أتى على المشيّة حين من الدهر كانت روحانيّة ساذجيّة غير مكبولة بالجسد
العنصريّ ، ثمّ ألبسناها لباس العنصريّات ، وخلقناها من النطفة ؛ وهي ماء الرجل
والمرأة.
وأكثر
المفسّرين لقد فسّروا «الإنسان» بولد آدم عليه السلام خاصّة نظرا إلى أنّهم خلقوا
من النطفة الكذائيّة دون آدم عليه السلام ، فإنّه خلق من صلصال من طين على التفصيل
المسطور في كتب الأخبار.
وبعضهم بجميع
أفراد البشر ، فيشمل آدم عليه السلام أيضا نظرا إلى أنّ