فيقولون : ربّنا إنّ فيهم فلانا ، وإنّه لم يذكر الله! فيقول الله : قد
غفرت له لمجالسته لهم ، فإنّ الذاكرين من لا يشقى لهم جليسهم [١].
وفي «مصباح
الشريعة» : من كان ذاكرا لله على الحقيقة فهو مطيع ، ومن كان غافلا عنه فهو عاص ،
فالطاعة علامة الهداية ، والمعصية علامة الضلالة ، وأصلها من الذكر والغفلة ... [٢] إلى آخره.
والأخبار
الواردة في مدح الذاكر وشرف مقامه أكثر من أن تحصى ، وتفصيل القول في حقيقة الذكر
وشرائطه وأصنافه وخواصّه يستدعي وضع رسالة على حدة ، وقد أشرنا إلى ذلك في كتابنا
المسمّى بـ «عين الهداية» فإليه فليرجع المهتدون.
تنبيهات
الأوّل
: قال العارف
الربّانيّ الملقّب بـ «الفيض» في بعض رسائله :
الذكر إمّا باللسان
وحده ، أو بالقلب ، أو بكليهما.
والأوّل قليل
الجدوى جدّا ، وإنّما الذكر النافع الأخيران ، وهما اللذان قصدنا بيانهما ، وهما
على أنواع شتّى :
الأوّل : أن
يسبّح الله ويحمده ويهلّله ويكبّره ويمجّده ويدعوه ويناجيه ويتلو كتابه كأنّه نزل
فيه ، مع إحضار القلب لمعانيها ، والتدبّر لخافيها ، والتنبيه لما أودع فيها ،
بحيث يظهر آثاره على الأعضاء كأنّه قد أشرف على اللقاء ، فقد ورد في الأخبار أن
تعبد الله كأنّك تراه ، فان لم تكن تراه فإنّه يراك.