أي الاستعداد
الأصليّ هو المنشأ لفهم ما يسمعه ويتعلّمه ؛ إذ لولاه لما كان الإنسان إلّا كسائر
البهائم الّتي لا تدرك شيئا من المعارف والعلوم الإلهيّة ، فيا أيّها الإنسان لا
تكسل عن تفجير ينابيع الحكمة من أرض ذاتيّتك ، فإنّ العلم والحكمة كلّها فيك ،
ليست خارجة عن هويّتك ، كيف وفيك معنى كلّ شيء ؛ كما قال :
دواؤك فيك
وما تشعر
وداؤك منك
وما تبصر
فاطلب حقائق
كلّ شيء من نفسك ، واستخرجها من ذاتك بالتصفية والتزكية ، فإلى متى تسعى في غير
أرض هويّتك لغير ذاتيّتك ، وتسير في بوادي الغفلة عن المودعات في كينونيّتك ،
وتهيم في فيافي الضلالة عن طرق الأسرار المكنونة في خزينة نفسانيّتك.
أقول
: لمّا أخبرنا
بمقام الأبرار الأخيار ، وما فازوا به من الكمالات الروحانيّة ، واللذّات
العقلانيّة ، فشاقت النفوس إلى ذلك المقام ، وظنّ كلّ أحد أنّه في زمرة هؤلاء
الكرام ، بيّن لنا أوصافهم الّتي بها وصلوا إلى تلك