قال: فلم يزل
يدور كما يدور الصّبيان و يدرن معه، حتى خرّ مغشيا عليه و وقعن فوقه ما يعقل و لا
يعقلن، فابتدره الخدم [فأقاموه [1]] و أقاموا من كان على ظهره من جواريه، و حملوه
و قد جاءت نفسه أو كادت.
سيرة جوان بن
عمر بن أبي ربيعة
رجع الخبر إلى
ذكر عمر بن أبي ربيعة و كان لعمر بن أبي ربيعة بن [صالح [2]] يقال له «جوان»، و
فيه يقول العرجيّ:
شهيدي جوان على حبّها
أ ليس بعدل عليها جوان
فأخبرني
الحرميّ قال حدّثنا الزّبير بن بكّار قال حدّثني يحيى بن محمد بن عبد اللّه بن
ثوبان قال:
جاء جوان بن
عمر بن أبي ربيعة إلى زياد بن عبد اللّه الحارثيّ و هو إذ ذاك أمير على الحجاز،
فشهد عنده بشهادة، فتمثّل:
شهيدي جوان على حبها
أ ليس بعدل عليها جوان
- و هذا الشعر للعرجيّ- ثم قال: قد أجزنا
شهادتك، و قبله. و قال غير الزّبير: إنه جاء إلى العرجيّ فقال له: يا هذا! ما لي و
ما لك تشهّرني [3] في شعرك! متى أشهدتني على صاحبتك هذه! و متى كنت أنا أشهد في
مثل هذا! قال: و كان امرأ صالحا.
/ و أخبرني
الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثني بكّار بن عبد اللّه قال: استعمل بعض ولاة
مكة جوان بن عمر على تبالة [4]، فحمل على/ خثعم في صدقات أموالهم حملا شديدا،
فجعلت خثعم سنة جوان تاريخا، فقال ضبارة بن الطّفيل:
[4] تبالة:
بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن. قال المهلّبيّ: تبالة في الإقليم الثاني
عرضها تسع و عشرون درجة أ ه. بينها و بين مكة اثنان و خمسون فرسخا. و كانت أوّل
عمل وليه الحجاج، فسار إليها، فلما قرب منها قال للدليل: أين تبالة؟ و على أيّ سمت
هي؟ فقال: ما يسترها عنك إلا هذه الأكمة. فقال: لا أراني أميرا على موضع تستره
عنّي هذه الأكمة. أهون بها ولاية! و كرّ راجعا. و لذلك قيل في مثل: «أهون من تبالة
على الحجاج».
[5] يقال:
لبست قوما، أي تمليت بهم دهرا، و لبست فلانة عمري أي كانت معي شبابي، و البس الناس
على قدر أخلاقهم أي عاشرهم.
و الرجوان:
مثنّى رجا، و هو جانب البئر. و قد أورد الميدانيّ المثل: «حتى متى يرمي بي
الرّجوان». و رمي به الرّجوان: استهين به كما يستهان بالدلو يرمي به رجوا البئر.