ضرب بعزّهم
المثل. [قال] [2]: و كان اسم عبد اللّه بن أبي ربيعة في الجاهلية بحيرا [3]،
فسمّاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عبد اللّه، و كانت قريش تلقّبه
«العدل»، لأنّ قريشا كانت تكسو الكعبة في الجاهلية بأجمعها من أموالها سنة، و
يكسوها هو من ماله سنة، فأرادوا بذلك أنه وحده عدل لهم جميعا في ذلك.
و كان عبد
اللّه بن أبي ربيعة تاجرا موسرا، و كان متجره إلى اليمن، و كان من أكثرهم مالا. و
أمّه أسماء بنت مخرّبة [5]، و قيل: مخرّمة، و كانت عطّارة يأتيها/ العطر من اليمن.
و قد تزوّجها هشام بن المغيرة أيضا، فولدت له أبا جهل و الحارث ابني هشام، فهي
أمّهما و أمّ عبد اللّه و عيّاش ابني أبي ربيعة.
أخبرني الحرميّ
و الطّوسيّ قال: حدّثنا الزّبير قال حدّثني عمّي عن الواقديّ قال:
كانت أسماء بنت
مخرّبة تبيع العطر بالمدينة. فقالت الرّبيّع بنت معوّذ بن عفراء الأنصاريّة- و كان
أبوها قتل أبا جهل بن هشام يوم بدر و احتزّ رأسه عبد اللّه بن مسعود- و قيل: بل
عبد اللّه بن مسعود هو الذي قتله- فذكرت أنّ أسماء بنت مخرّبة دخلت عليها و هي
تبيع عطرا لها في نسوة، قالت:/ فسألت عنّا، فانتسبنا لها. فقالت: أ أنت ابنة قاتل
سيّده؟ تعني أبا جهل. قلت: بل أنا بنت قاتل عبده. قالت: حرام عليّ أن أبيعك من
عطري شيئا.
قلت: و حرام
عليّ أن أشتري منه شيئا، فما وجدت لعطر نتنا غير عطرك، ثم قمت، و لا و اللّه ما
رأيت عطرا أطيب من عطرها، و لكنّي أردت أن أعيبه لأغيظها.
و كان لعبد
اللّه بن أبي ربيعة عبيد من الحبشة يتصرّفون في جميع المهن، و كان عددهم كثيرا،
فروي عن سفيان بن عيينة أنه قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم حين خرج
إلى حنين: هل لك في حبش بني المغيرة تستعين بهم؟
فقال: «لا خير
في الحبش إن جاعوا سرقوا و إن شبعوا زنوا، و إنّ فيهم لخلّتين [6] حسنتين إطعام
الطعام و البأس يوم البأس». و استعمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم عبد
اللّه بن أبي ربيعة على الجند و مخلفيها [7]، فلم يزل عاملا عليها حتى قتل
[1]
هذا وصف لحمار الوحش. و في «لسان العرب»: يقال حمار صخب الشوارب: يردّد نهاقه في
شواربه. و الشوارب: مجاري الماء في الحلق. و عبد مسبع: مهمل جريء ترك حتى صار
كالسبع. (انظر «اللسان» في مادتي صخب و سبع).
[7] الجند
(بالتحريك): ولاية إسلامية من ولايات اليمن الثلاث، و هي الجند و صنعاء و حضر موت.
و بالجند مسجد بناه معاذ بن جبل رضي اللّه عنه. و المخاليف: جمع مخلاف، و هو
الكورة و الرستاق (القرية و السواد).