فحملت إليه كلّها، و حمل على البريد [1] من وقته إلى المدينة.
خبر معبد مع
الرجل الشاميّ الذي لم يستحسن غناءه
قال إسحاق: و
قال معبد: أرسل إليّ الوليد بن يزيد فأشخصت إليه. فبينا أنا يوما في بعض حمّامات الشأم
إذ دخل عليّ رجل له هيبة و معه غلمان له، فاطّلى [2] و اشتغل به صاحب الحمّام عن
سائر الناس. فقلت: و اللّه لئن لم أطلع هذا على بعض ما عندي لأكوننّ/ بمزجر الكلب؛
فاستدبرته حيث يراني و يسمع منّي، ثم ترنّمت، فالتفت إليّ و قال للغلمان: قدّموا
إليه [جميع] [3] ما هاهنا، فصار جميع ما كان بين يديه عندي. قال: ثم سألني أن
أسير معه إلى منزله فأجبته، فلم يدع من البرّ و الإكرام شيئا إلا فعله، ثم وضع
النبيذ، فجعلت لا آتي بحسن إلّا خرجت إلى ما هو أحسن منه و هو لا يرتاح و لا يحفل
لما [4] يرى منّي. فلما طال عليه أمري قال: يا غلام، شيخنا شيخنا، فأتي بشيخ، فلما
رآه هشّ إليه، فأخذ الشيخ العود ثم اندفع يغنّي.
- الدّراقن: اسم الخوخ بلغة أهل الشأم- قال:
فكاد أن يخرج من جلده طربا. قال: و انسللت منهم فانصرفت و لم يعلم بي. فما رأيت
مثل ذلك اليوم قطّ غناء أضيع، و لا شيخا أجهل!
[1]
البريد: مسافة تقدّر باثني عشر ميلا، و يطلق على الرسول المرتب لنقل الرسائل. و قد
قال الخليل بن أحمد: إنه عربيّ مشتق من بردت الحديد إذا أرسلت ما يخرج منه، أو من
برد إذا ثبت لأنه يأتي بما تستقرّ عليه الأخبار. و ذهب آخرون إلى أنه فارسيّ
معرّب.
قال ابن
الأثير في «النهاية»: إن أصله «بريده دم» و معناه مقصوص الذنب. و ذلك أن ملوك
الفرس كان من عادتهم أنهم إذا أقاموا بغلا في البريد قصّوا ذنبه ليكون علامة على
أنه من بغال البريد.
و قد كان
البريد موجودا في عهد الأكاسرة من ملوك الفرس و القياصرة ملوك الروم. أما في
الإسلام فقد ذكر أبو هلال العسكريّ في كتابه «الأوائل»: أن أوّل من وضعه في
الإسلام معاوية بن أبي سفيان و أحكمه بعده عبد الملك بن مروان ا ه باختصار عن «صبح
الأعشى» ج 14 ص 366- 372.
[6] الجرّيّ
كذميّ: حوت يكون بنيل مصر طويل أملس ليس له فصوص و لا ريش و له رأس إلى الطول و فم
مستطيل كالخرطوم، و سماه ديسقوريدوس «سلورس». و قال إسحاق بن سليمان: أهل مصر
يسمون الجرّيّ «السّلّور» (انظر «مفردات ابن البيطار» مادة أرى).
و قد ضبطه
صاحب «القاموس» في مادّة «صلور» بأنه كسنّور. و ذكره ابن الأثير في «النهاية» في
حديث عمّار: «لا تأكلوا السلور و الأنقليس» و فسر الصلور بالجرّيّ، و الأنقليس
بالمارماهي، و قال: إنهما نوعان من السمك كالحيات.
[7] الدّراقن
كعلابط و قد تشدّد الراء، قال السيد مرتضى: و هو المشهور على الألسنة، و قد فسره
صاحب «القاموس» بأنه المشمش.
و ذكر السيد
مرتضى قول ابن دريد: إن عرب الشأم يسمون الخوخ «الدراقن» و قال: إن تفسيره بالمشمش
غير معروف. (انظر «تاج العروس» مادة دراقن).