عليه، و لعلّي إن حرّكت لساني أن يبلّ حلقي اريقي فيخفّف عنّي بعض ما
أجده من العطش! فترنّمت بصوتي:
القصر فالنخل فالجمّاء بينهما
/ فلما سمعني الأسود، ما شعرت به إلا و قد
احتملني حتى أدخلني خباءه، ثم قال: أي، بأبي أنت و أمي! هل لك في سويق السّلت [1]
بهذا الماء البارد؟ فقلت: قد منعتني أقلّ من ذلك، و شربة ماء تجزئني. قال: فسقاني
حتى رويت، و جاء الغلام فأقمت عنده إلى وقت الرّواح. فلما أردت الرّحلة قال: أي،
بأبي أنت و أمي! الحرّ شديد و لا آمن عليك مثل الذي أصابك، فأذن لي [في] [2] أن
أحمل معك قربة من ماء على عنقي و أسعى بها معك، فكلّما عطشت سقيتك صحنا و غنّيتني
صوتا! قال: قلت ذاك لك. فو اللّه ما فارقني يسقيني و أغنّيه حتى بلغت المنزل.
نسخت من كتاب
جعفر بن قدامة بخطّه: حدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن الزّبير [3] عن جرير قال:
معبد و ابن
سريج، التقاؤهما عفوا ببطن مرّ ثم تعارفهما بصوتيهما
كان معبد خارجا
إلى مكة في بعض أسفاره، فسمع في طريقه غناء في «بطن مرّ» [4] فقصد الموضع، فإذا
رجل جالس على حرف بركة فارق شعره حسن الوجه، عليه درّاعة [5] قد صبغها بزعفران، و
إذا هو يتغنّى:
[4] بطن مرّ
(بفتح الميم و تشديد الراء): من نواحي مكة عنده يجتمع وادي النخلتين فيصيران واديا
واحدا (ياقوت). و قال في «القاموس»: إنه موضع على مرحلة من مكة و يقال له: «مرّ
الظهران».