حمل عبد العزيز
بن مروان النّصيب بالمقطّم (مقطّم مصر) على بختيّ قد رحله بغبيط [2] فوقه، و ألبسه
مقطّعات [3] وشي، ثم أمره أن ينشد؛ فاجتمع حوله السّودان و فرحوا به، فقال لهم: أ
سررتكم؟ قالوا: إي و اللّه.
قال: و اللّه
لما يسوؤكم من أهل جلدتكم أكثر.
نصيب و جرير
أخبرنا أبو
خليفة عن محمد بن سلّام قال حدّثني أبو العرّاف قال:
مرّ جرير بنصيب
و هو ينشد، فقال له: اذهب فأنت أشعر أهل جلدتك. قال: و جلدتك يا أبا حزرة.
هشام بن عبد
الملك و نصيب
أخبرنا الحسين
بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال حدّثني أيّوب بن عباية قال:
بلغني أنّ
النّصيب كان إذا قدم على هشام بن عبد الملك أخلى له مجلسه و استنشده مراثي بني
أميّة، فإذا أنشده بكى و بكى معه. فأنشده يوما قصيدة له مدحه بها، يقول فيها:
فقال له هشام:
يا أسود، بلغت غاية المدح فسلني. فقال: يدك بالعطيّة أجود و أبسط من لساني
بمسألتك.
فقال: هذا و
اللّه أحسن من الشعر، و حباه و كساه و أحسن جائزته.
نصيب و
إعتاقه ذوي قرابته
أخبرني الحسين
بن يحيى قال أخبرنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه أيّوب بن عباية قال:
أصاب نصيب من
عبد العزيز بن مروان معروفا، فكتمه و رجع إلى المدينة في هيئة بذّة [5]، فقالوا:
لم يصب بمدحه شيئا. فمكث مدّة، ثم ساوم بأمّه فابتاعها و أعتقها، ثم ابتاع أمّ
أمّه [6] بضعف ما ابتاع به أمّه فأعتقها. و جاءه ابن خالة له اسمه سحيم فسأله أن
يعتقه، فقال له: ما معي و اللّه شيء، و لكنّي إذا خرجت أخرجتك معي، لعل اللّه أن
يعتقك. فلمّا أراد الخروج دفع غلاما له إلى مولى سحيم يرعى إبله و أخرجه معه، فسأل
في ثمنه فأعطاه و أعتقه.
فمرّ به يوما و
هو يزفن [7] و يزمر مع السّودان، فأنكر ذلك عليه و زجره. فقال له: إن كنت أعتقتني
لأكون كما تريد فهذا و اللّه ما لا يكون أبدا، و إن كنت أعتقتني لتصل رحمي و تقضي
حقّي فهذا و اللّه الذي أفعله هو الذي أريده،
[1]
في ح، ر: «الزبيريّ». و قد تقدّم مرارا أنه عبد الرحمن بن عبد اللّه الزهريّ.
[2] الغبيط:
الرحل، و هو للنساء يشدّ عليه الهودج و الجمع غبط.
[3] المقطعات
من الثياب: شبه الجباب و نحوها من الخز و غيره؛ و منه قوله تعالى:
(قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) أي خيطت و سوّيت و جعلت لبوسا لهم. و
المقطعات: واحدها مقطعة، و قيل لا واحد لها؛ فلا يقال للجبة مقطعة و لا للقميص
مقطع، و إنما يقال لجملة الثياب مقطعات و الواحد ثوب.
[4] صلّت
شمالها؛ جاءت تالية لليمين؛ و من ذلك المصلّى من خيل الحلبة، و هو الذي يجيء بعد
السابق لأن رأسه يلي صلا المتقدّم.