و يقيم الإعراب، و يستوفي النّغم الطّوال، و يحسّن مقاطيع النّغم
القصار، و يصيب أجناس الإيقاع، و يختلس مواقع النّبرات، و يستوفي ما يشاكلها في
الضرب من النّقرات. فعرضت ما قال على معبد، فقال: لوجاء في الغناء قرآن ما جاء إلا
هكذا.
يزيد بن عبد
الملك و مولى حبابة المغنية
أخبرني الحسن
بن عليّ الخفّاف قال حدّثني أحمد بن سعيد الدّمشقيّ قال حدّثني الزّبير بن بكّار
عن ظبية [1]:
/ أنّ يزيد بن
عبد الملك قال لحبابة يوما: أ تعرفين أحدا هو أطرب منّي؟ قالت: نعم، مولاي الذي
باعني.
فأمر بإشخاصه
فأشخص إليه مقيّدا [2]، و أعلم بحاله فأذن في إدخاله، فمثل بين يديه و حبابة و
سلّامة تغنّيان؛ فغنّته سلّامة لحن الغريض في:
تشطّ غدا دار جيراننا
فطرب و تحرّك
في أقياده. ثم غنّته حبابة لحن ابن سريج المجرّد في هذا الشعر، فوثب و جعل يحجل
[3] في قيده و يقول: هذا و أبيكما ما لا تعذلاني فيه، حتى دنا من الشّمعة فوضع
لحيته عليها فاحترقت، و جعل يصيح:
الحريق الحريق
يا أولاد الزّنا. فضحك يزيد و قال: هذا و اللّه أطرب الناس حقّا، و وصله و سرّحه
إلى بلده.
سماع عطاء و
ابن جريج لغناء ابن سريج
أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا فضل اليزيديّ عن إسحاق:
أنّ ابن سريج
كان جالسا، فمرّ به عطاء و ابن جريح، فحلف عليهما بالطّلاق أن يغنّيهما، على أنهما
إن نهياه عن الغناء بعد أن يسمعا منه تركه. فوقفا له و غنّاهما: