بك؟ فقال له الأخضر: لقد كنت إلى/ ذلك مشتاقا،/ قال: فقعدا يتحدّثان،
فمرّ بهما أبو السائب، فقال:
يا مطربي
الحجاز، أ لشيء كان اجتماعكما؟ فقالا: لغير موعد كان ذلك، أ فتؤنسنا؟ قال: فقعدوا
يتحدّثون. فلما مضى بعض الليل قال الأخضر لابن سلمة: يا أبا الأزهر، قد ابهارّ
الليل [1] و ساعدك القمر، فأوقع بقهقهة [2] ابن سريج و أصب معناك [3]. فاندفع
يغنّي:
صوت
تجنّت بلا جرم و صدّت تغضّبا
و قالت لتربيها مقالة عاتب
سيعلم هذا أنّني بنت حرّة
سأمنع نفسي من ظنون كواذب
فقولي له عنّا تنحّ فإنّنا
أبيات فحش طاهرات المناسب
- الغناء لابن سريج و لم يذكر طريقته- قال:
فجعل أبو السّائب يزفن [4] و يقول: أبشر حبيبي؛ فلأنت أفضل من شهداء قزوين [5].
قال: ثم قال ابن سلمة للأخضر: نعم المساعد على همّ الليل أنت! فأوقع بنوح ابن سريج
و لا تعد معناك [6]. فاندفع يغنّي:
[3] كذا في
أكثر الأصول. و لعله يريد: ليكن غناؤك ممثلا لمعنى ما تغنيه. و في ء، ب، س:
«مغناك» و هذا إن صح فهو بالضم و الفتح و تشديد النون، مصدر ميمي بمعنى الغناء من
«غنى».
[5] لعله
يريد الإشارة إلى الأحاديث الواردة في فضل قزوين و فضل المرابطة بها و القتال
فيها. و هي أحاديث موضوعة أضربنا صفحا عن ذكرها. (انظر «ياقوت» في الكلام على
قزوين و «اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» للسيوطى طبع المطبعة الأدبية بمصر
سنة 1317 ه في الكلام على مناقب البلاد من ص 239- 341).