قطّ من يحفظ مثله، و يحفظ دون ذلك من علوم أخر: منها اللغة و النحو و
الخرافات و المغازي و السير، و من آلة المنادمة شيئا كثيرا مثل علم الجوارح و
البيطرة و نتف من الطب و النجوم و الأشربة و غير ذلك، و له شعر يجمع إتقان العلماء
و إحسان ظرفاء الشعراء».
و ذكره أبو
منصور الثعالبي في «يتيمة الدهر» فقال:
«و كان من
أعيان أدبائها (بغداد) و أفراد مصنفيها. و له شعر يجمع إتقان العلماء و إحسان
ظرفاء الشعراء».
و ذكره ابن
النديم في «الفهرست» فقال:
«كان شاعرا
مصنفا أديبا، و له رواية يسيرة، و أكثر تعويله كان في تصنيفه على الكتب المنسوبة
الخطوط أو غيرها من الأصول الجياد». و يؤيد هذا أنه في كتابه «الأغاني» يروي كثيرا
من الأخبار بقوله: «نسخت من كتاب فلان».
قدح بعض
العلماء في صحة روايته
ذكره ابن
الجوزي في كتابه «المنتظم في تاريخ الملوك و الأمم» فقال:
«إنه كان
متشيعا و مثله لا يوثق بروايته فإنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، و يهوى شرب
الخمر، و ربما حكى ذلك عن نفسه، و من تأمل كتاب «الأغاني» رأى كل قبيح و منكر».
و نقل ابن شاكر
في كتابه «عيون التواريخ» أن الشيخ شمس الدين الذهبيّ قال:
«رأيت شيخنا
تقيّ الدين بن تيمية يضعفه و يتهمه في نقله و يستهول ما يأتي به، و ما علمت فيه
جرحا إلا قول ابن أبي الفوارس: خلط قبل ما يموت».
شيء من
أوصافه
لم يكن لأبي
الفرج الأصفهاني عناية بنظافة جسمه و ثيابه؛ فقد حدّث الرئيس أبو الحسين هلال بن
المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابئ في الكتاب الذي ألفه في أخبار الوزير المهلبيّ
قال: كان أبو الفرج الأصفهاني و سخا قذرا لم يغسل له ثوبا منذ فصّله إلى أن قطعه،
و كان الناس على ذلك يحذرون لسانه و يتقون هجاءه و يصبرون في مجالسته و معاشرته و
مؤاكلته و مشاربته على كل صعب من أمره؛ لأنه كان وسخا في نفسه ثم في ثوبه و فعله،
حتى إنه لم يكن ينزع درّاعة يقطعها إلا بعد إبلائها و تقطيعها، و لا يعرف لشيء من
ثيابه غسلا و لا يطلب منه في مدّة بقائه عوضا.
و حكى القاضي
أبو علي المحسن بن علي التنوخي في كتاب «نشوار» [1] المحاضرة «أن أبا الفرج كان
أكولا نهما، و كان إذا ثقل الطعام في معدته تناول خمسة دراهم فلفلا مدقوقا و لا
يؤذيه و لا تدمع منه عيناه، و هو مع ذلك لا يستطيع أن يأكل حمصة واحدة أو يصطبغ
[2] بمرقة قدر فيها حمص، و إذا أكل شيئا يسيرا من ذلك شري [3] بدنه كله من ذلك، و
بعد ساعة أو ساعتين يفصد و ربما فصد لذلك دفعتين». قال: و أسأله عن سببه فلا يكون
عنده علم منه.
[1]
النشوار في الأصل بكسر النون: ما تبقيه الدابة من علفها فارسي معرّب. و هذا الكتاب
قد طبع بالقاهرة سنة 1921 م و قام بتصحيحه المستشرق الانكليزي المعروف د. س
مرجليوث.