نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 648
و أمثلته «1».
و المناسبة عند المصري نوعان «2»: مناسبة في
المعاني و مناسبة في الألفاظ فالمعنوية أن يبتدىء المتكلّم بمعنى ثم يتمّم كلامه
بما يناسبه معنى دون لفظ كقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ
الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ «3»، فانه
سبحانه لما قدّم نفي إدراك الإبصار له عطف على ذلك قوله:
وَ هُوَ اللَّطِيفُ خطابا للسامع بما يفهم
إذ معترف العادة أنّ كل لطيف لا تدركه الأبصار، ألا ترى أنّ حاسّة البصر لا تدرك
إلّا اللون من كل متلوّن، و الكون من كل متكوّن فإدراكهما إنّما هو للمركّبات دون
الأفراد و لذلك لما قال وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ عطف على ذلك قوله الْخَبِيرُ
تخصيصا لذاته سبحانه بصفات الكمال؛ لأنّ كل من أدرك شيئا كان خبيرا بذلك الشيء.
و من ذلك قول المتنبي:
على سابح موج المنايا
بنحره غداة كأنّ النّبل في صدره وبل
فإنّ بين لفظة السباحة و لفظة الموج و
لفظة الوبل تناسبا معنويا صار البيت به متلاحما شديد ملاءمة الألفاظ.
و أما المناسبة اللفظية فهي توخّي الإتيان
بكلمات متّزنات و هي على ضربين: تامة و غير تامة. فالتامة أن تكون الكلمات مع
الاتزان مقفّاة و أخرى ليست بمقفّاة، فالتقفية غير لازمة للمناسبة. و من شواهد
المناسبة التي ليست بتامة في الكتاب العزيز قوله تعالى: ق. وَ الْقُرْآنِ
الْمَجِيدِ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ
هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ «4».
و من شواهد التامة قوله- صلّى اللّه عليه
و سلّم- مما كان يرقي به الحسنين- عليهما السّلام-:
«أعيذ كما بكلمات اللّه التامة من كل
شيطان و هامة و من كل عين لامة»، فقال النبي الكريم: «لامة» و لم يقل «ملمة» و هي
القياس لمكان المناسبة اللفظية للتامة. و مثله قوله- عليه السّلام-: «ارجعن مأزوات
غير مأجورات» و المستعمل «موزورات» لأنّه من «الوزر» غير مهموز و أما ما جاء من
السّنّة من أمثلة المناسبة الناقصة فكقوله- صلّى اللّه عليه و سلّم- «إنّ أحبكم
اليّ و أقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا» «5» فناسب-
عليه السّلام- بين «أخلاق» و «أكناف» مناسبة اتزان لا تقفيه.
و من أمثلة المناسبتين الناقصة و التامة
قول أبي تمام:
مها الوحش إلا أنّ هاتا
أوانس قنا الخطّ إلا أنّ تلك ذوابل
فناسب بين «مها» و «قنا» مناسبة تامّة و
بين «الوحش» و «الخطّ» و «أوانس» و «ذوابل» مناسبة غير تامّة.
و لخّص الحلبي و النّويري و ابن الأثير
الحلبي و الحموي «6» كلام المصري و أخذوا بعض أمثلته.
و لم يخرج المدني كثيرا على سابقيه غير
أنّه قال:
«المناسبة على ضربين: معنوية و لفظية و
المعنوية هي التّناسب في المعاني و يندرج فيها مراعاة النظير و التوشيح و تناسب
الأطراف و ائتلاف المعنى مع المعنى. و توهّم ابن حجة أنّ المناسبة المعنوية أمر
غير ذلك و عرّفها بتعريف تناسب الأطراف الذي سمّاه بعضهم بتشابه الأطراف المعنوي و
مثّل لها
(1) الرسالة
العسجدية ص 130.
(2) تحرير
التحبير ص 363، بديع القرآن ص 145.
(3) الانعام 103.
(4) ق 1- 2.
(5) الموطأ
الاكناف: الرجل الدمث الاخلاق السهل الكريم.
(6) حسن التوسل
ص 288، نهاية الأرب ج 7 ص 158، جوهر الكنز ص 241، خزانة الادب ص 166، نفحات ص 138، شرح الكافية ص 141.
نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 648