و الرجع المفرق: هو كل كلمتين
جاءنا في الكلام المنثور تضمن احداهما من الحروف ما تضمنته الاخرى بغير زيادة و لا
نقصان إلا انه على غير بنية و لا ترتيب كما كان في الرجع المجتمع و لكن قد يتقدم
بعض الحروف على بعض و هو من أحسن أوضاع الكتابة كقولك: «فلان أرفع القوم عمادا و أفرعهم معادا و أصدقهم ميعادا». و منه قول
الشاعر:
و هذا هو الجناس، فالرجع المجتمع
عند ابن الاثير في القسم الثاني من المشبه بالتجنيس و هو «أن تكون الالفاظ متساوية في الوزن مختلفة في التركيب بحرف واحد لا غير و
إن زاد على ذلك خرج من باب التجنيس»[3].
و الرجع المفرق عند ابن رشيق من
جناس المضارعة و هو: «أن تتقدم الحروف و تتأخر»[4] كقول أبي
تمام:
بيض
الصفائح لا سود الصحائف في
متونهنّ
جلاء الشّكّ و الريب
و قول البحتري: «شواجر أرماح ...»
الرّجوع:
الرجوع هو الانصراف و العودة، و قد
ذكر الباقلاني أنّ أبا عبيدة كان يقول عن امرئ القيس في بيته:
و قال الباقلّاني قبل ذلك إنّ منهم
من لا يعدّ الاعتراض و الرجوع من البديع و ذكر البيتين[6].
و الرجوع هو الفن الثالث من محاسن
الكلام عند ابن المعتزّ، و هو «أن يقول شيئا و يرجع عنه»[7]. كقول بشار:
نبّئت
فاضح أمّه يغتابني
عند
الأمير و هل عليك أمير؟
و قول يزيد بن الطثرية:
أ
ليس قليلا إن نظرتها
اليك
و كلا ليس منك قليل
و عرّفه العسكري بمثل كلام ابن
المعتزّ[8]، و قرنه ابن منقذ بالاستثناء و قال: إنّ الرجوع و الاستثناء هو أن
تذكر شيئا ثم ترجع عنه»[9]، و ذكر بيت ابن عشرية.
و قال الحلبي و النويري: «هو أن يعود المتكلم إلى كلامه السابق
بالنقض لنكتة»[10].
و قد قال السيوطي عن هذه النكتة تعليقا على بيت زهير:
«قف بالديار.»: «و النكتة في أنّه يبين برجوعه دهش عقله عند رؤية ديار أحبته فلم يعرف
ما يقول و توهّم ما ليس بصحيح فلما راجعه عقله رجع بالنقض عن
[1]الأمر
من باراه و ساماه و هاماه للمغالبة بالمباراة و السمو و الهمي.
[2]معالم
الكتابة ص 70- 71. الشواجر جمع شاجر و شاجرة بمعنى القاطع.