السابع و العشرون: خطاب التحنن و
الاستعطاف كقوله تعالى:قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ[2].
الثامن و العشرون: خطاب التحبيب
كقوله تعالى:
يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا
يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ؟[3].
و ذكر السيوطي هذه الوجوه[9]، و كان الامام الشافعي قد تحدث عن بعض هذه الوجوه فعقد أبوابا لما نزل
من الكتاب العزيز عاما يراد به العام و يدخله الخصوص، و ما نزل عام الظاهر و هو
يجمع العام و الخصوص، و ما نزل عام الظاهر يراد به كله الخصوص[10]، و لكنه- رضي اللّه عنه- لم يفصل جميع وجوه الخطاب.
الخطاب بالجملة الاسميّة:
تحدّث ابن الأثير و العلوي[11] عن الخطاب
بالجملة الاسمية، و يؤتي بها لغرض خاص، قال العلوي: «و متى كان واردا على جهة الاسمية فإنّه ينقدح فيه معنيان»[12]
الأوّل: أنّ الفاعل قد فعل الفعل
على جهة الاختصاص به دون غيره، كقوله تعالى:وَ أَنَّهُ هُوَ
أَضْحَكَ وَ أَبْكى. وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا[13] فصدّر الجملة بالضمير دلالة على
اختصاصه بالاماتة و الاحياء و الاضحاك و الابكاء.
الثاني: التحقق و تمكين ذلك المعنى
في نفس السامع بحيث لا يخالجه فيه ريب، كقوله تعالى:
وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ
آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا
مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ[14]، فخاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية
و شياطينهم بالجملة الاسمية المحققة ب «إنّ» المشددة.
و من ذلك قول بعضهم:
و
الشيب إن يظهر فإنّ وراءه
عمرا
يكون خلاله متنفّس
لم
ينتقص مني المشيب قلامة
و
لما بقي مني ألبّ و أكيس
فلما كان المشيب يذم في أكثر
أحواله أتى باللام المؤكدة في قوله «و لما بقي» و جعل الجملة الاسمية عوضا من الفعلية في ذلك و تأكيدا.