قال التبريزي: «هو أن يقول الشاعر بيتا يرسله إرسال
غير متحرز من المنتقد عليه ثم يتنبّه على ذلك فيستدرك موضع الطعن عليه بما يصلحه و
ربما كان ذلك في الشطر الأول من البيت فيتلافاه في الشطر الثاني و ربما كان في بيت
فيتلافاه في الثاني»[2]، كقول بعضهم:
هو
الذئب أو للذئب أو فى أمانة
و
ما منهما إلا أزلّ خؤون
كأنه لما قال: «أو للذئب أو فى أمانة» تنبه على أنّ
قائلا يقول له: و أية أمانة في الذئب؟ فقال مستدركا لخطئه:
«و ما منهما إلا أزلّ خؤون» فسلم له البيت.
و من ذلك:
إذا
ما ظمئت الى ريقها
جعلت
المدامة منه بديلا
و
أين المدامة من ريقها
و
لكن أعللّ قلبا عليلا
فنبّه بقوله: «و أين المدامة من ريقها» على قول
القائل:
و هل تكون المدامة بدلا عن ريقها،
فاستدرك عند ذلك بقوله: «و لكن أعللّ قلبا عليلا».
و بعد أن ذكر العلوي ما ذكره
التبريزي و ابن الزملكاني قال: «و مما هو منسحب في أذيال التنبيه التتميم، و هو أن نأخذ في بيان معنى
فيقع في نفسك أنّ السامع لم يتصوره على حدّ حقيقته و إيضاح معناه فتعود اليه مؤكدا
له فيندرج تحت ما ذكرناه من خاصة التنبيه»[3]. و هذا كقول ابن الرومي:
آراؤكم
و وجوهكم و سيوفكم
في
الحادثات إذا دجون نجوم
منها
معالم للهدى و مصابح
تجلو
الدّجى و الأخريات رجوم
فقوله: «نجوم» ورد
غير مشروح لأنّه يفهم منه ما ذكره من التفصيل في البيت الآخر فلهذا كان مبهما فلما
شرح تقاسيم النجوم في البيت الثاني جاء متمما له و مكملا لمعناه. قال العلوي: «فلا جرم كان معنى التتميم فيه حاصلا و
كان فيه التنبيه على ما ذكرناه فلهذا أوردناه على أثر التنبيه لما كان قريبا منه و
ملتصقا به، فكان أحقّ بالايراد على أثره»[4].
التّندير:
ندر الشيء يندر ندورا: سقط، و
قيل: سقط و شذّ، و نوادر الكلام تندر و هي ما شذّ و خرج من الجمهور[5].
التندير من مبتدعات المصري، و قد
قال في تعريفه: «هو أن يأتي المتكلم بنادرة حلوة أو
مجنة مستطرفة، و هو يقع في الجدّ و الهزل»[6]. و من لطيف ما جاء منه في الجد و
بديعه قوله تعالى:فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ[7]. و أما ما
جاء منه في الهزل