و لا يخرج كلام الآخرين عمّا تقدّم
في التحديد و التقسيم و الأمثلة[2].
و ذكر ابن قيم الجوزية و الزركشي
أنّ أرباب علم البيان لا يريدون بالتقسيم القسمة العقلية التي يتكلم عليها المتكلم
لأنّها تقتضي أشياء مستحيلة كقولهم: الجواهر لا تخلو إما أن تكون مجتمعة أو
مفترقة، أو لا مفترقة و لا مجتمعة، أو مجتمعة و مفترقة معا، أو بعضها مجتمع و
بعضها مفترق، فانّ هذه القسمة صحيحة عقلا لكنّ بعضها يستحيل وجوده، و إنّما
المقصود «استيفاء المتكلم أقسام الشيء بحيث لا
يغادر شيئا و هو آلة الحصر و مظنة الاحاطة بالشيء»[3] كقوله تعالى:فَمِنْهُمْ ظالِمٌ
لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ
اللَّهِ[4] فإنّه
لا يخلو العالم جميعا من هذه الأقسام الثلاثة: إما ظالم نفسه و إما سابق مبادر الى
الخيرات و إما مقتصد فيها، و هذا من أوضح التقسيمات و أكملها.
و كان قدامة قد قال عن صحة
التقسيم: «هي أن يبتدىء الشاعر فيضع أقساما
فيستوفيها و لا يغادر قسما منها»[5] و فساد التقسيم يكون إما بأن يكرر
الشاعر الأقسام أو يأتي بقسمين أحدهما داخل تحت الآخر[6]. و قال المصري: «و صحّة الأقسام عبارة عن استيفاء
المتكلم أقسام المعنى الذي هو فيه بحيث لا يغادر منه شيئا[7]».