نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 314
و فرّقوا بين الفاصلة و السجع و
قالوا إنّ الفواصل تتبع المعاني و لا تكون مقصودة في نفسها، و السجع يقصد لنفسه ثم
يحيل المعنى اليه[1]. و من أشهر الذين نفوا السجع عن كتاب اللّه أبو بكر الباقلاني متابعا
في ذلك أبا الحسن الأشعري؛ لأنّ القرآن لو كان سجعا لكان غير خارج على أساليب
العرب في كلامهم و لو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز[2].
و لعل ما كان من أمر السجع في عصره
جعله يذهب هذا المذهب و يربط السجع باللفظ دون المعنى مع علمه بأنّ السجع كثير في
كتاب اللّه، و قد سمّاه بعض البلاغيين سجعا، و لن يقلل من قيمته أن نسميه «فواصل» لأننا حينما ننظر في تصريفهم لها نجد أنّها حروف متشاكلة في المقاطع
و هي تابعة للمعاني و يمكن أن نجعل السجع تابعا للمعاني أيضا كما فعل عبد القاهر و
ابن الاثير. و تقسيم الفواصل الى وجهين:
أحدهما: على الحروف المتجانسة
كقوله تعالى:
طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ
الْقُرْآنَ لِتَشْقى. إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى[3].
و ثانيهما: الحروف المتقاربة
كالميم و النون في قوله تعالى:الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[4]- لا يخرج
السجع منها، و لو قال الباقلاني إنّ الإعجاز لا يؤخذ من السجع كما لا يؤخذ من فنون
البديع الأخرى لكان أولى، و له الحق في ذلك ما دام يذهب الى أنّ كتاب اللّه الخالد
معجز بنظمه و حسن تأليفه. يضاف الى ذلك أنّ معنى السجع في اللغة ليس تصويت الحمام
فحسب بل الأساس فيه الاستقامة و الاستواء و الاشتباه بأنّ كل كلمة تشبه صاحبتها، و
ليس بعد القرآن كتاب يشمل الاستقامة و الاستواء بكل صورها و معانيها.
و مهما يكن من أمر فان أكثر
البلاغيين يسمون هذا الفن سجعا، و هو فن أصيل عرف في الجاهلية و صدر الاسلام و شاع
و انتشر في العصر العباسي أيما انتشار و اسرف بعضهم فيه، و لذلك نزّه الأشعرية
كتاب اللّه من هذا الفن البديعي الذي أصبح من المحسنات اللفظية عند المتأخرين[5]، و سموا نهاية الآيات «فواصل» و
هي تسمية دقيقة من أجل أن يكون هناك فرق بين سجع البشر و آيات اللّه العزيز.
التّسجيع الحالي:
قسّم ابن شيث القرشي السجع الى حال
و عاطل، و قال عن الحالي: هو «كل كلمتين جاءتا في الكلام المنثور على زنة واحدة تصلح أن تكون إحداهما
قافية أمام صاحبتها كقولك «فلان لا تدرك في المجد غايته و لا تنسخ من الفضل آيته». و يكفي في ذلك
كلام رسول اللّه- صلّى اللّه عليه و سلّم- في تعويذ الحسن و الحسين- عليهما
السّلام-: «أعيذكما من الهامة و السامّة و كل عين
لامّة»، و كذلك قوله: «يرجعن مأزورات غير مأجورات». و بمقدار ما تتوازن اللفظتان و يلزم فيهما من
تكرار الحروف يكون التبريز في ذلك»[6].
و قال الكلاعي: «و إنّما سمّينا هذا النوع الحالي
لأنّه حلّي بحسن العبارة و لطف الاشارة و بدائع التمثيل و الاستعارة، و جاء من
الأسجاع و الفواصل ما لم يأت في باب العاطل»[7].