نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 12
من ائتلاف اللفظ و المعنى، و
ائتلاف اللفظ مع اللفظ، و ائتلاف المعنى مع المعنى، نوعا برأسه، فينبغي أن يحدّ كل
منها بحد لا يشمل الآخر». و على هذا الاساس بحث كل نوع في عنوان مستقل.
ائتلاف الفاصلة:
الفواصل هي مقاطع القرآن، و لا
تسمى سجعا و لا قوافي لان هذين المصطلحين مختصان بكلام العرب نثره و شعره. و قد
أفرد المصري هذا البحث بباب و قال إنه من مخترعات قدامة و سماه من بعده التمكين، و
لكنه عرفه تعريفا أدخل فيه الأسجاع و القوافي فقال: «هو أن يمهد الناثر لسجعة فقرته و الشاعر لقافية بيته تمهيدا تأتي به
القافية متمكنة في مكانها، مستقرة في قرارها، مطمئنة في موضوعها، غير نافرة و لا
قلقة، متعلقا معناها بمعنى البيت كله تعلقا تاما بحيث لو طرحت من البيت لاختل
معناه و اضطرب مفهومه. و لا يكون تمكنها بحيث يتقدم لفظها بعينه في أول صدر البيت
أو في أثناء الصدر أو معنى يدل عليها، و لا أن تفيد معنى زائدا على معنى البيت،
فان الاول تصدير، و الثاني توشيح، و الثالث إيغال، و لا يسمى شيء من ذلك تمكينا.
و كل مقاطع آي الكتاب العزيز لا تخلو من أن تكون أحد هذه الأقسام الأربعة، و لهذا
تسمى مقاطعه فواصل لا سجعا و لا قوافي، لاختصاص القوافي بالشعر، و السجع بالمنافرة
عن معنى الكلام مأخوذ من سجع الطائر»[1].
و مما جاء منه على هذا الباب و هو
باب التمكين قوله تعالى:قالُوا يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما
يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا، إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ
الرَّشِيدُ[2]، فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة و تلاه ذكر التصرّف في الأموال
اقتضى ذلك ذكر الحلم و الرشد على الترتيب؛ لأن الحلم العقل الذي يصحّ به تكليف
العبادات و يحضّ عليها، و الرشد حسن التصرف في الأموال.
و قوله:قالُوا رَبُّنا
يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ. وَ ما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ
الْمُبِينُ[3] فان
ذكر الرسالة مهّد لذكر البلاغ و البيان فيه.
و قوله:قِيلَ ادْخُلِ
الْجَنَّةَ، قالَ: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَ
جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ[4]، لان ذكر دخول الجنة مهّد لفاصلتها.
ائتلاف القافية:
تحدث قدامة عن ائتلاف القافية مع
ما يدل عليه سائر البيت و قال: هو «أن تكون القافية متعلقة بما تقدم من معنى البيت تعلق نظم له و ملاءمة
لما مرّ فيه»[5] و
تحدث عن أنواع ائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر البيت و هي التوشيح و الايغال.
و ذكر أنّ من عيوب ائتلاف المعنى و القافية التكلف في طلبها و الاتيان بها لتكون
نظيرة لاخواتها في السجع. و مثال أن تكون القافية مستدعاة قد تكلف في طلبها فاشتغل
معنى سائر البيت بها قول أبي تمام:
فجميع البيت مبنيّ لطلب هذه
القافية، و إلّا فليس في وصف الظبية بأنها ترعى الجثجاث كبير فائدة؛ لأنه إنما
توصف الظبية- إذا قصد لنعتها بأحسن أحوالها- بان يقال: إنها تعطو الشجر؛ لأنّها
حينئذ رافعة رأسها، و توصف بأنّ ذعرا يسيرا قد لحقها كما قال الطرماح: