يشرب منها. و قد اختلفت النّحاة
حول هذا المعنى. فمنهم من يقول إنها بمعنى: من مستشهدين بقوله تعالى:عَيْناً يَشْرَبُ بِها
عِبادُ اللَّهِ[2] و
بقول الشاعر:
شربن
بماء البحر ثمّ ترفّعت
متى
لجج خضر لهنّ نئيج
أي: شربن من ماء البحر، و كقول
الشاعر:
فلثمت
فاها آخذا بقرونها
شرب
النّزيف ببرد ماء الحشرج
و عدّ بعضهم الباء من هذا المعنى
في قوله تعالى:وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[3] و قال
آخرون بل هي للإلصاق، و ذهب غيرهم أنها للاستعانة لأن الفعل مسح يتعدّى بنفسه إلى
المفعول به، و هو المزال عنه الشيء و إلى مفعول آخر بواسطة حرف الجرّ، و هو
المزيل، و قدّروا الآية: فامسحوا بالماء رؤوسكم. و الذين أثبتوا للباء معنى
التبعيض قالوا إنها لا تأتي إلا مع الفعل المتعدّي و أنكر ذلك ابن جني فأوّل ما
أتى به من أثبتها على التّضمين، فقال: الأجود تضمين شربن بماء البحر معنى «روين» و أوّل الزّمخشري الآية الكريمة:عَيْناً يَشْرَبُ بِها
عِبادُ اللَّهِ[4] كالباء
في «شربت الماء بالعسل».
باء التعدية
اصطلاحا: هي التي بواسطتها يصير الفعل
اللّازم متعديا، و هي مثل الهمزة التي توصل معنى الفاعل إلى المفعول به، كقوله
تعالى:ذَهَبَ
اللَّهُ بِنُورِهِمْ[5] أي أذهبه.
ذهب: فعل ماض لازم عدّي بواسطة حرف
الجرّ «الباء»، و «الهاء» في «أذهبه» بمثابة
المفعول به و قرئت الآية الكريمة: أذهب الله نورهم و تسمّى أيضا باء النقل.
باء التّعليل
اصطلاحا: هي الباء التي تبيّن السّبب، كقوله
تعالى:فَبِما
نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ[6] أي:
بسبب نقضهم، و كقوله تعالى:كُلُّ نَفْسٍ بِما
كَسَبَتْ رَهِينَةٌ[7] أي: بسبب ما كسبت، و كقوله تعالى:وَ إِذْ قالَ مُوسى
لِقَوْمِهِ: يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ
الْعِجْلَ (8) و
تسمى باء السّبب.
باء التّعويض
اصطلاحا: باء العوض.
باء التّوكيد
اصطلاحا: الباء الزّائدة التي يؤتى بها
لتفيد التّوكيد. و تأتي في المواضع التّالية:
أولا: في الفاعل. و تكون لازمة في
صيغة «أفعل به» التّعجّبيّة مثل: «أجمل بالعلم حلية» فيعرب أصحاب هذا
الرأي هذا المثل على النحو التالي:
«أجمل»: فعل
ماض على صورة الأمر مبنيّ على السّكون. «بالعلم»، «الباء»: حرف
جرّ زائد.
«العلم» فاعل
مرفوع بالضمّة المقدّرة على الآخر منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة
لحرف الجرّ. «حلية»: تمييز منصوب. و تكون