واحد فى ذاته لا يتكثر به. أما أنه معقول، فلأنك تعرف أن طبيعة
الوجود بما هى طبيعة الوجود، غير ممتنع عليها أن تعقل و إنما يعرض لها أن لا تعقل،
إذا كانت فى المادة و مع عوارض المادة، فانها من حيث هى كذلك، محسوسة أو متخيلة[1].
و الوجود إذا جرد عن هذا العائق، كان وجودا و ماهية معقولة[2].
و كل ما هو بذاته، مجرد عن المادة و العوارض المادية، فيما هو/ 22 ب
مجرد، هو عقل[3].
و بما يعتبر له [من] أن هويته المجردة لذاته، فهو معقول لذاته.
و بما يعتبر له [من] أن ذاته له هوية[4] مجردة، فهو عاقل لذاته.
ثم قال بعد ذلك: إن نفس كونه معقولا و عاقلا، لا يوجب أن يكون اثنين
فى الذات و لا اثنين فى الاعتبار. فانه ليس تحصيل الأمرين إلا
[1]هذا المعنى عند ابن سينا ورد فى «النجاة» ص 243، و نص
كلامه:
(و اذ قد ثبت واجب الوجود (فنقول) انه بذاته عقل و عاقل و معقول.
أما أنه معقول الماهية، فلأنك تعرف أن طبيعة الوجود بما هى طبيعة الوجود، و طبيعة
أقسام الوجود بما هى كذلك، غير ممتنع عليها أن تعقل، و انما يعرض لها أن لا تعقل
اذا كانت فى المادة أو مكنوفة بعوارض المادة، فانها من حيث هى كذلك محسوسة أو
متخيلة.
(و كل ما هو بذاته مجرد عن المادة و العوارض، فهو بذاته معقول. و
الأول الواجب الوجود مجرد عن المادة و عوارض المادة، فهو بما هو، هو مجرد عقل، و
بما يعتبر له من أن هويته المجردة لذاته، فهو معقول لذاته).
[4]هكذا فى كتاب النجاة ص 244، و فى «مصارعةالفلاسفة» هويته.