المختار عادتنا أن نذكر فى آخر كل مسألة فصلا، يطلع الناظر على مثار
الغلط و الخطأ الذي عرض لابن سينا، و ينبه الطالب على وجه الصواب و الحق بكلام
متين [يقلب][1] الحد و يصيب المفصل، و اللّه الموفق و المعين.
أقول: إنما توجهت هذه المناقضات [و المطالبات]/ 18 أ على ابن سينا و
شركائه فى الحطمة، لأنهم وضعوا الوجود عاما عموم الجنس أو عموم اللوازم، و ظنوا
أنهم لما وضعوا المشككة و أخرجوه من المتواطئة، خلصوا نجيا من هذه الالزامات. و لا
يخلصهم عنها إلا وضع الوجود، و كل صفة و لفظ يطلقون عليه تعالى و تقدس من الوحدة و
الواحد و الحق و الخير و العقل و العاقل و المعقول و غيرها بالاشتراك لا بالتواطؤ
و لا بالتشكيك.
و قد توافقوا على أن إطلاق الوحدة و الواحد [عليه] و على غيره
بالاشتراك المحض و كذلك الحق و الخير، فهو حق بمعنى أنه يحق الحق و يبطل الباطل،
و واجب وجوده بمعنى أنه يوجب وجود[2] غيره
و يعدم، وحى[3] بمعنى أنه يحيى الميت[4].
و المتضادات متخاصمات، و المختلفات متحاكمات، و الحاكم عليها لا يكون
فى عداد أحد المتحاكمين إليه المتخاصمين عنده، لكنه يطلق الحق على الحاكم، بمعنى
أنه يظهر الحق و يخفيه، لا بمعنى أنه يخاصم أحد المتخاصمين فيساويه/ 18 ب تارة[5] و يباينه أخرى.