[و الخصم] ليس يثبت وراء العالم زمانا البتة لا منقدما فيسمى قبلا
و لا مقارنا فيسمى الآن، كما لم يثبت وراء العالم مكانا البتة لا خلاء و [لا] ملاء
0/ 182 و هذا كما يقول الكراميون إن الذات واحدة إذا كانت من جميع جهاتها، كما
كانت و كان لا يوجد معها شىء ثم وجد منها شىء، فلا بد و أن يكون لجهة ما منها
مباينة عنها بينونة متناهية أو غير متناهية.
و تقدر وقت الترك و وقت الفعل/ 183، كتقدر مكان فارغ و مكان مشغول.
و أنت تعرف أنه لما لم يكن وجود البارى تعالى مكانيا، لم ينسب إليه مكان فارغ و لا
مكان مشغول، كذلك لما لم يكن وجوده- جلت عظمته- زمانيا، لم يجز أن ينسب إليه وقت
فارغ و وقت مشغول، حتى يسمى أحدها تركا للفعل و الثاني فعلا.
فان قال: إنك لم تثبت قبلا على العالم و لا زمانا متناهيا أو غير
متناه، فقد قضيت بتلازم وجودين: وجود الصانع، و وجود المصنوع. و كذلك إذا لم تثبت
وقتا لترك الفعل و وقتا للفعل، فقد صرحت بالتلازم./ 185 إنك إذا قلت: لم يفعل ثم
فعل، فقد أثبت وقتا ما عطلته عن الفعل حتى تميز فيه وقت ترك و وقت شروع. و إن لم
نثبت وقت التعطيل و الترك، فقد وافقتنى فى الإيجاب، فإنى أقول: لا يجوز أن يتعطل
الجواد عن الجود فيتلازمان.
قلت: و لا يلزم من قولنا لم يفعل وقتا ثم فعل تعطيل و وقت شروع،
فان فى العبارة تجوزا و توسعا، فان فى: لم يفعل، إشعار بالماضى، و فى: ثم فعل،
دلالة على المستقبل، و ليس فى العدم ماضى و مستقبل.