فإن قلت[2]: إذا كان فاعلية الفاعل
للفعل[3] و علمه بذلك نفس ذات الفاعل لم يكن صدور مقابل ذلك الفعل عنه، فلم
يكن قادرا على ذلك الفعل إذا اعتبر في القدرة أن يكون تعلّقها بالطرفين سواء[4].»
قلت: الملازمة ممنوعة، فإنّ صدور ذلك الفعل عنه[5] بواسطة أنّه
يستعدّ لصدوره عنه دون مقابله، لأنّه أكمل من مقابله لا بواسطة أنّ ذات الفاعل
يستدعي خصوصية ذلك الفعل حتّى لو كان مقابله أكمل لصور عنه فيكون[6] فاعليته و
علمه- تعالى[7]- بذلك عين ذاته[8]، فتأمّل انتهى[9].
أقول: خلاصة كلام المصنّف أنّ الإرادة متعلّقة في الأزل بوجود الفعل فيما
لا يزال من الأوقات المفروضة فيكون الإرادة و التعلّق الازليّان[10] موجبين لوجود
الفعل في وقت معيّن فيما[11] لا يزال دون[12] الأزل ضرورة
أنّ القدرة هي[13] مؤثّرة على وفق الإرادة و يكون مرجّح تعلّق الإرادة بوجود الفعل في
ذلك الوقت هو كونه أصلح على نحو ما قال الحكماء في نظام العالم و هذا هو بعينه ما
قاله[14] الغزالي في جواب الخيّام حيث سأل الخيّام عنه: من[15] مخصّص إيجاد
العالم في الآن الذي أوجده فيه[16] و ليس قبله زمان، بعد
أن سأل[17] الغزالي عنه من[18] مخصّص مقدار الفلك
الأعلى، و مخصّصات مناطق الأفلاك و مخصّصات مقادير حركاتها.
و أجاب عنه: بأنّ تلك الأمور هي[19] من مقتضيات
النظام الأعلى.
فقال الغزالي: وجود العالم في الآن الّذي أوجده فيه هو أيضا من
مقتضيات النظام الأعلى.
[5/
315] قوله[20]: فذهب[21] الأشاعرة[22] إلى أنّها مغايرة إلى
آخره[23].
قالت[24] الأشاعرة[25]: إنّ الإرادة قديمة و
تعلّقها حادثة[26]، و لا حاجة إلى مرجّح في هذا