نام کتاب : الهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 437
كان هؤلاء نفوا قاعدة التحسين و التقبيح العقلي لم يتوجّه أنّه لا
ينبغي له- تعالى- عذابهم و عقابهم بفعل لم يكن لهم اختيار فيه بالمعنى الّذي
قرّرنا، لأنّ هذا راجع إلى أنّ هذا قبيح عند العقل و قد عرفت بطلانه عندهم، بل ما
يفعله اللّه- تعالى- هو عين الحسن عندهم. و لا يرد على الحكماء النافين لاختياره-
تعالى- بمعنى صحّة الفعل و الترك، إذ على تقدير القول بتحقّق الاختيار بالمعنى
الّذي ذهب إليه الحكماء كان المتحقّق في العبد هو الاختيار المشوب بالإيجاب.
و لا يخفى أنّ ما ذكرنا في العبد جار في شأنه- تعالى- و عندهم
المتحقّق في شأنه- تعالى- أيضا هو الاختيار المشوب بالإيجاب فإذا قال العبد: صدور
المعصية منّي بغير اختيار صرف فلم تعاقبني؟ فله- تعالى- أن يقول: صدور العقاب و
العذاب منّي أيضا بهذا الوجه بعينه، فليس لك السؤال عنه.
و الّذي يدلّ عليه الأصول الحاصلة بالنظر و الاستدلال أن لا معنى
للاختيار إلّا بهذا الوجه دون الوجه الّذي ذكره المتكلّمون و حينئذ يمتنع التخلّف
و كان الاختيار مشوبا بالإيجاب. فإذا لم يقل بنفي القاعدة المذكورة كما اختاره
الأشاعرة فينحصر الجواب فيما قرّرنا، فلا بدّ للمعتزلة أن يلتزموا أنّ الاختيار في
شأن العبد و في شأنه- تعالى- كان مشوبا بالإيجاب، و تفصّوا عن الإشكال المذكور بما
قرّرنا. فالخلاص من هذا الإشكال إنّما يتصوّر بالقول بشائبة الإيجاب في شأنه-
تعالى- و قد قال به بعض المتكلّمين أيضا أو بالقول بنفي الحسن و القبح العقلي.
و لعمري إنّ تحقيق هذا المبحث على هذا الوجه ممّا لم يحم أحد حوله! وذلِكَ فَضْلُ
اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ (مائدة/ 54).
و اللّه أعلم بحقيقة الحال و حقيقة المقال./ 35DB /
نام کتاب : الهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 437