قد ثبت أنّ كلّ سلسلة معلولات تحتاج[3] إلى علّة خارجة[4]. فتلك
العلّة الخارجة لا بدّ أن تكون علّة لكلّ واحد من آحادها لأنّ تلك العلّة الخارجة[5] لا بدّ أن تكون[6] علّة
لبعض آحادها، و ذلك ظاهر. فإمّا أن يوجد في الآحاد الباقية شيء لا يكون معلولا
لذلك البعض، أو لا. فإن لم يوجد فهو المطلوب، و إن وجد فإمّا أن يكون ذلك الواحد
علّة لذلك البعض، أو لا. فإن كان علّة لزم اجتماع علّتين على معلول واحد، و إنّه
محال و إن لم يكن علّة يلزم أن يوجد في الجملة أمران لا ارتباط بينهما بالعلّية و
المعلولية. و ذلك في السلسلة المفروضة محال.
لا يقال: لا نسلّم استحالة اجتماع علّتين، و إنّما يكون محالا لو
كانتا مستقلّتين.
لأنّا نقول: العلّة الخارجة[7] لا بدّ أن تكون علّة مستقلّة بإيجاد بعض منها، فإنّه إن لم يصدر عنها
شيء من الآحاد لم يصدر عنها الجملة بالضرورة، فلو احتاج ذلك البعض إلى فاعل آخر
لم تكن العلّة الخارجة[8] مستقلّة،
و قد ثبت أنّها كذلك هذا خلف. فقوله:
«فهي علّة أوّلا للآحاد» أي: علّة لكلّ واحد واحد، و إلّا فليكن كلّ واحد
غير محتاج إلى تلك العلّة، إذ لا يجوز في هذه الصورة أن يكون علّة لبعضها دون بعض.
فإن[9] جاز أن توجد جملة لا كالجملة المفروضة تكون علّتها علّة لبعض آحادها
دون بعض، فإنّ حقيقة الجملة المفروضة هي[10] حقيقة الآحاد. فإن كانت علّة لبعضها دون بعض لم يكن