لمّا كانت اللذّة إدراك الملائم، و الإدراك إمّا حسّي أو عقلي، كانت
اللذّة، أيضا[3]- على قسمين[4]: حسّية،
و عقلية.
و اللذّة الحسّية إمّا ظاهرة تتعلّق[5] بالحواسّ الظاهرة، و إمّا باطنة تتعلّق بالوهم و الخيال- كالرجاء و
الشوق و التصوّرات الشهوية و الغضبية-. فاللذّات ثلاث في ثلاث مراتب[6] فمرتبة اللذّة الحسّية
الباطنة أقوى من الظاهرة، لأنّها آثر عند العقلاء و مرتبة اللذّة العقلية الصرفة
أقوى منهما جميعا، فإنّ اللذّة تتفاوت بحسب تفاوت الإدراك و تفاوت المدرك و تفاوت[7] القوى المدركة، فإنّ القوّة المدركة ما كانت في نفسها أشرف و أقوى
يكون لذّتها أتمّ كما أنّ[8] لذّة
العين الصحيحة من جمال الحبيب أقوى من لذّة العين المريضة[9] و كذلك الإدراك ما كان أقوى تكون اللذّة أكثر كما أنّ العاشق إذا رأى
معشوقه من مسافة أقرب يكون لذّته أكثر، و كذلك المدرك ما كان[10] أشرف كان اللذّة[11] في