و مآله من ذاته لا يكون موجودا و لا موجدا
لغيره، فمع انحصار الموجودات الخارجيّة في الممكن لا يكون لها وجود و لا لغيرها
عنها وجود لأنّ وجودها إنّما هو من السبب المغاير لها، و قد فرض عدم السبب.
و أمّا بطلان اللازم فضروريّ، فثبت وجود واجب
الوجود لذاته، و هو المطلوب.
و لشيخنا الإمام العلّامة القاشيّ[1]- قدّس سرّه-
تقرير حسن لهذه الطريقة، و بيانه يتمّ بتقرير مقدّمتين: إحداهما: تصوّريّة، و
الاخرى: تصديقيّة.
أمّا الأولى: فهي أنّ مرادنا بالموجب التامّ، هو
الكافي في وجود أثره، أي لا يحتاج في إيجاد الأثر إلى أمر خارج عن ذاته.
و أمّا الثانية أعني التصديقيّة: فهي أنّ الممكن
لا يجوز أن يكون موجبا تامّا لشيء لأنّ موجبيّته تتوقّف على موجوديّته، و
موجوديّته تتوقّف على الغير، فموجبيّته تتوقّف على الغير.
أمّا الصغرى- و هو توقّف موجبيّته على
موجوديّته- فضروريّة لاستحالة كون المعدوم موجبا لغيره.
و أمّا الكبرى- و هو توقّف موجوديّة الممكن على
غيره- فظاهر إذا الممكن بحسب ذاته لا يقتضي شيئا من الطرفين أي الوجود و العدم،
بل كلّ منهما بالغير، فإذا تمهّدت هاتان المقدّمتان نقول:
هنا موجود قطعا، فإن كان واجبا ثبت المطلوب، و
إن كان ممكنا يحتاج إلى موجب تامّ، و لا جائز أن يكون موجبه ممكنا لما قلنا في
المقدّمة الثانيّة، فيكون موجبه واجبا و هو المطلوب.
و على هذا نقض إجماليّ، تقريره أنّ الأفعال
الاختياريّة كالقيام و القعود و الأكل و الشرب و غيرها من الأفعال الإراديّة
فاعلها هذا الشخص الممكن قطعا، و هو ضروريّ
[1]هو نصير الدّين، علي بن محمّد بن علي
القاشيّ، العالم المدقّق الفهّامة، من أجلّة متأخّري متكلّمي أصحابنا و كبار
فقهائهم. كان مولده بكاشان، و قد نشأ بالحلّة، كان معاصرا للعلّامة في أواخر عمره،
و لابنه و لقطب الدين الرازيّ. له حاشية على شرح التجريد للأصفهانيّ، و على شرح
الشمسيّة للرازيّ. أثنى عليه الشهيد و حكى عنه بعض المطالب، و روى عنه ابن معيّة و
بالغ في مدحه. مقابس الأنوار: 13، مستدرك الوسائل 3: 442.