استعار لذلك المقام و التحلّي بتلك الأوصاف و
التخلّي عن تلك العلائق لفظ القباء، و رشّح تلك الاستعارة بقوله: لم يخط على قدّ
كلّ ذي قدّ. و نتائج: أي واردات و علوم فيضيّة. لم يعلم مقدّماتها: أي تلك
المجاهدات و إزالة تلك العلائق و تنحية تلك العوائق، كلّ ذي جدّ و اجتهاد، بل ذلك
فضل و منحة من الجناب القدسيّ يفيضه على من استعدّ لذلك الفيض، بحكم: من استعدّ
استحقّ. لكن ذلك الاستعداد لا يحصل في الأغلب إلّا مع مجاهدات عظيمة يتعارض فيها
إلهامات إلهيّة و خواطر شيطانيّة. اتّباع الأولى خطر و الخلاص من الثانية عسر، و
ينجو الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى[1]. فلا جرم كان
تحصيل العلم بهذا الطريق أعزّ من الكبريت الأحمر. و حيث الحال كذلك، فنسأل اللّه
أن يجعلنا من السالكين لطريقه: أي الطريق الذي أمر به أنبياءه و أولياءه.
المستحقّين: بالقيام بأوامره و الانتهاء عند زواجره. لتوفيقه: و هو جعل الأسباب
متوافقة في حصول مسبّباتها، بأن تحصل شرائطها و تنتفي موانعها.
قوله: و المستعدّين: الاستعداد هو التهيّؤ
لحصول الأثر. و الإلهام: إلقاء معنى في الرّوع بطريق الفيض. و التحقيق: هو جعل
الشيء حقّا. و التجلّي: هو الظهور و الانكشاف.
و الهداية: وجدان ما يوصل إلى المطلوب. و
التدقيق: هو إمعان النظر في الشيء طلبا لتحقيقه، و مقصود الفصل ظاهر.