و هو انعدام الواجب عند انعدام حادث من الحوادث-
محال عند الكلّ. و اللازم في الأوّل- و هو قدم العالم غير محال- عند الفلاسفة،
فلهذا ألزمهم المحال لو قالوا بالإيجاب، بخلاف الأوّل.
و تقرير الإلزام أن نقول: لو كان اللّه تعالى
موجبا لذاته لزم من عدم أيّ شيء فرض في العالم عدم الواجب. لكن اللازم باطل
اتّفاقا، فكذا الملزوم.
بيان الملازمة يتمّ بمقدّمات لا يختلفون في
حقّيّتها:
الأولى: أنّ الواجب عندهم موجب
لذاته، كما هو المشهور في النقل عنهم، و أنّ جميع الموجودات تنتهي في سلسلة الحاجة
إليه.
الثانية: أنّ العلّة التامّة
عندهم عبارة عن جميع ما يتوقّف عليه التأثير من حصول الشرائط و ارتفاع الموانع، و
أنّه متى حصلت وجب وجود المعلول.
الثالثة: أنّ عدم المعلول يستند
إلى عدم علّته أو جزء علّته أو شرط علّته.
إذا تقرّرت هذه المقدّمات فنقول: إذا عدم شيء
ما من العالم فعدمه إمّا لعدم علّته القريبة، أو لعدم جزئها، أو لعدم شرطها. و
ننقل الكلام حينئذ إلى عدم تلك العلّة و جزئها و شرطها و نقول: عدمها إمّا لعدم
علّتها أو لعدم جزئها أو لعدم شرطها، و هكذا حتّى ينتهي الكلام إلى العلّة الأولى.
فيلزم عدم الواجب لذاته، هذا خلف. و ليس لهم عن هذا الإلزام مفرّ إلّا أن يقولوا
بعدم صدق واحدة من هذه المقدّمات، و الفرض أنّهم لم يقولوا بعدم شيء من ذلك،
فيتمّ الإلزام و هو المطلوب.
[نقض قول الفلاسفة بأنّ الواحد لا يصدر عنه
إلّا الواحد]
قال: نقض- قالت الفلاسفة: الواحد لا يصدر عنه
إلّا واحد[1]. و كلّ شبهة لهم على هذه الدعوى في غاية الركاكة. و لذلك[2] قالوا: لا
يصدر عن البارئ تعالى بلا واسطة إلّا
[1]قال المحقّق الطوسيّ في تلخيص المحصّل:
العلّة الواحدة يجوز أن يصدر عنها أكثر من معلول واحد عندنا، خلافا للفلاسفة و
المعتزلة. احتجّوا بأنّ مفهوم كونه مصدرا لأحد المعلولين، غير مفهوم كونه مصدرا
للآخر، فالمفهومان المتغايران إن كانا داخلين في ماهيّة المصدر لم يكن المصدر
مفردا بل يكون مركّبا. و إن كانا خارجين كانا معلولين فيكون الكلام في كيفيّة
صدورهما عنه كالكلام في الأوّل، فيفضي إلى التسلسل. و الجواب: أنّ مؤثّريّة الشيء
في الشيء ليست أمرا ثبوتيّا، و إذا كان كذلك بطل قولهم. تلخيص المحصّل: 237.