بيان الملازمة أنّه يفتقر حينئذ في كونه موصوفا
بتلك الصفة إلى وجود علّتها، و في كونه عاريا عنها إلى عدمها، و هما مغايران له. و
كلّ مفتقر إلى غيره ممكن، فثبت الملازمة.
و أمّا بطلان اللازم فقد سبق.
[الواجب لا يتّحد بشيء]
قال: تبصرة- المفهوم من الاتّحاد
صيرورة الاثنين واحدا[1]، و هو محال عقلا فلا يتّحد الواجب بشيء[2].
أقول: يريد بيان أنّه لا يتّحد بشيء من
الموجودات. و نقل عن بعض متألّهة الحكماء و بعض صوفيّة الإسلام تجويزه، و زعم
النصارى أنّه قد ورد في الإنجيل دعوى المسيح الاتّحاد مع اللّه تعالى[3]. و الذي يفهم
من الاتّحاد هو صيرورة موجود واحد بعينه موجودا واحدا آخر بعينه من غير استحالة و
لا تركيب، حتّى يكون هناك شيء واحد هو هذا و هو ذاك بعينهما. و هو محال في بداهة
العقل الصحيح عند تصوّره معنى الاتّحاد المذكور على ما ينبغي. و قد ننبّه على ذلك
فنقول:
لو اتّحد الواجب بغيره لزم اجتماع النقيضين، و
اللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة أنّهما لو اتّحدا لزم صيرورة
الذات الواجبة بعينها الذات الممكنة بعينها، فيلزم أن يصدق على هذا جميع ما يصدق
على ذاك و بالعكس، فيلزم كون كلّ منهما جائز العدم غير جائز العدم و هو جمع بين
النقيضين، فثبت المدّعى و هو امتناع الاتّحاد عليه
[1]الفصول النصيريّة: المفهوم من الاتّحاد
صيرورة شيئين شيئا واحدا.
[2]المفهوم الحقيقيّ من الاتّحاد هو انّ
يصير شيء بعينه شيئا آخر. و معنى قولنا: «بعينه»، إنّه صار من غير أن يزول عنه
شيء او ينضمّ إليه شيء شيئا آخر. و هذا المعنى الحقيقيّ على وجهين: أحدهما أن
يكون هناك شيئان، كزيد و عمرو مثلا، فيتّحدان. ثانيهما: أن يكون هناك شيء واحد
كزيد، فيصير بعينه شخصا، فيصير بعينه شخصا آخر غيره، فهو تعالى لا يتّحد بشيء من
الموجودات على كلا المعنيين. كشّاف اصطلاحات الفنون 2: 1468.
[3]إنّ وجوب الوجود يقتضي كونه تعالى ليس
حالّا في غيره، و خالف فيه بعض النصارى القائلين: بأنّه تعالى حالّ في المسيح عليه
السلام. و بعض الصوفيّة القائلين: بأنّه تعالى حالّ في بدن العارفين. و هذا لا شكّ
في سخافته. كشف المراد: