و الخالق: هو المقدّر للأشياء على مقتضى حكمته،
سواء اخرجت إلى الوجود أولا.
و البارئ: هو الموجد لها من غير تفاوت و المميّز[1] لها بعضها من
بعض بالصور و الأشكال. و ستسمع في تفصيل أسمائه فيما يأتي فضل بيان إن شاء اللّه
تعالى.
[الواجب ليس بمتكثّر]
قال: أصل- ثمّ إنّه إذا تفكّر، علم أنّ كلّ
ما فيه كثرة- و لو بالفرض- كان وجوده محتاجا إلى الغير لأنّه محتاج إلى آحاده، و
آحاده غيره، فكلّ ما فيه كثرة أو قبول قسمة ممكن. و ينعكس إلى قولنا: كلّ ما ليس
بممكن ليس بمتكثّر، فالواجب واحد من جميع الجهات و الاعتبارات.
أقول: اعلم أنّ الكثرة بديهيّة التصوّر[2] و هي تارة
تكون خارجيّة، و تارة تكون بالفرض الذهنيّ لا وجود لها خارجا، كتأليف الماهيّة من
الأجناس و الفصول. و أشار المصنّف بقوله: «و لو بالفرض» إلى القسم الثاني. و الأوّل
إمّا أن لا تكون الماهيّة بكلّيّتها موجودة في كلّ واحد من آحاد الكثرة أو تكون. و
الأوّل تكثّر الماهيّة بأجزائها التي تألّفت ذاتها منها، كالعدد المؤلّف من
الآحاد، و الثاني هو تكثّر الماهيّة بوجودها في جزئيّات كثيرة كالنوع المتكثّر
بأشخاصه[3].
[2]الوحدة و الكثرة من المعلومات
البديهيّة، فلا يفتقر في تصوّرهما إلى اكتساب تعريف. و ما يقال في تعريف الوحدة:
بأنّها عبارة عن كون الشيء لا ينقسم، و الكثرة: بأنّها عبارة عن كونه منقسما، فهو
تعريف لفظيّ، غايته تبدّل لفظ خفيّ بلفظ جليّ. إرشاد الطالبين: 148.
[3]قد ذكر المصنّف في إرشاد الطالبين أقسام
الوحدة و الكثرة مفصّلا، فقال: انقسام المعقول إلى الواحد و الكثير من الامور
العامّة الشاملة للجواهر و الأعراض. فالمعقول إمّا أن يكون منقسما أو لا يكون
منقسما، فالأوّل هو الكثير و الثاني هو الواحد. و هو إمّا أن يكون واحدا بالذات أو
بالعرض لأنّ عدم قبول القسمة إمّا أن يكون لغيره، و هو الواحد بالعرض كالعرض
الحالّ في الجوهر الفرد. أو يكون لذاته و هو الواحد بالذات كالجوهر الفرد. ثمّ
الواحد بالذات قد يكون واحدا بالشخص. أي يكون مانعا من الشركة كزيد، فإنّ شخصه
واحد لا اشتراك فيه، و قد يكون واحدا لا بالشخص، فلا جرم يكون له جهتان: إحداهما
تقتضي الكثرة، و الاخرى تقتضي الوحدة. فجهة الكثرة إن كانت متّفقة، فهو الواحد
بالنوع كزيد و عمرو، فإنّ نوعهما واحد و هو الإنسان. و إن كانت مختلفة فهو الواحد
بالجنس كالإنسان و الفرس.
ثمّ قال: فالواحد مقول بالتشكيك على هذه
الأقسام بالأوّليّة و عدمها، فإنّ الواحد بالذات أولى بالوحدة من الواحد بالعرض، و
الواحد بالشخص أولى من الواحد بالنوع، و بالنوع أولى من الواحد بالجنس. إلى أن
قال: فالاتّحاد في النوع