سبحانك اللّهمّ واجب الوجود و مبدأه و غاية وجود
كلّ موجود. أنت أخرجتنا من مرتتق ظلام العدم إلى فضاء ضياء الوجود بقدرتك و
إرادتك، و عدلت مزاج أركان تراكيب خلقنا، و أتقنت خلقها بحكمتك. اللّهمّ و إذ رفعتنا
من حضيض هيولى الإدراك بنور ملكة التحصيل إلى أوج استفادة ما أمكن من معرفة حقائق
معلوماتك، فأمطر على أنفسنا الناقصة من سحائب جود مواهبك و زلال عذب مناهلك ما
ننخرط به في سلك أوليائك القائمين بمرضاتك. و صلّ اللّهمّ على أشرف أوليائك و أفضل
مخلوقاتك و أكمل أنبيائك في أرضك و سمائك محمّد و آله، المخصوصين بمزايا خواصّك و
مظهري صفاتك و أسمائك، صلاة معادلة لآلائك، باقية على مرّ الدّهر ببقائك.
أمّا بعد: فلمّا كان علم الكلام من بين هذه
العلوم أوثق برهانا و أظهر تبيانا و أشرف موضوعا و أكمل اصولا و فروعا، و لذلك استحقّ
التقدّم على سائر العلوم، و تنزّل منها منزلة الشمس من النجوم، و صار للعلوم
الشرعيّة أساسا، و لكلّ واحد منها تاجا و رأسا، و هو و إن كان بعيد الأغوار كثير
الأسرار، إلّا أنّ نقاوته الّتي يعوّل في التحصيل عليها، و عقيلته الّتي ينتفع بها
و تدعو الضرورة إليها، و يجب على كلّ مكلّف استحضارها[2] و في كلّ آونة
تكرارها و تذكارها، ليقرّب إليه من السعادة جنّتها و يبعّد عنه من الشقاوة نارها،
قد ضمّنها الإمام الأعظم أفضل المحقّقين خواجة نصير الملّة و الحقّ و الدين: محمّد
بن