قال: هداية- شفاعة محمّد صلى اللّه عليه و آله
لأهل الكبائر ثابتة لأنّ من جوّز العفو لهم جوّز الشفاعة، و من لم يجوّز لم
يجوّز. و لمّا بطل المذهب الثاني، ثبت الأوّل.
أقول: اتّفقت الامّة على ثبوت الشفاعة لنبيّنا
محمّد صلى اللّه عليه و آله لقوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقاماً مَحْمُوداً[1]. قال المفسّرون: إنّه مقام الشفاعة[2].
ثمّ اختلفوا في متعلّق الشفاعة، فقالت الوعيديّة[3]: إنّها في
زيادة المنافع و الدرجات بناء منهم على عدم جواز العفو عن الفاسق.
و قالت الأشاعرة و أصحابنا: إنّها في إسقاط
العقاب عن أهل الكبائر.
قال المصنّف: لمّا كان قول الوعيديّة مبنيّا على
مذهبهم بعدم جواز العفو و على القول بتحتّم العقاب و التخليد- و قد أبطلناه- فيبطل
تفسيرهم للشفاعة و يثبت ما قلناه، و هو الحقّ لدلالة القرآن و الخبر.
أمّا الأوّل: فقوله تعالى: وَ
اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ[4]. و الفاسق
مؤمن لما يأتي من تفسير الإيمان، فيدخل فيمن امر النبيّ صلى اللّه عليه و آله
بالاستغفار لهم. فإن كان الأمر للوجوب فلا يتركه لعصمته. و إن كان للنّدب فكذلك
لرأفته بنا و رحمته، فإذا سأل المغفرة فيعطاها لقوله تعالى: وَ لَسَوْفَ
يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى[5].
و أمّا الثاني: فالخبر الذي تلقّته
الامّة بالقبول و الإذعان، و هو قوله: «ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر
من أمّتي»[6]. و لا اعتبار بردّ أبي الحسين البصريّ له، و روايته
[2]تفسير العيّاشيّ 2: 314، تفسير القمّيّ
2: 25، تفسير التبيان 6: 512، تفسير الطبريّ 15: 144- 145، التفسير الكبير 21: 31،
تفسير القرطبيّ 10: 309، الدرّ المنثور 4: 197.
[3]الوعيديّة داخلة في الخوارج، و هم
يزعمون أنّ الإيمان جميع الطاعات، و أنّ الكفر جميع المعاصي، و هم القائلون بتكفير
صاحب الكبيرة و تخليده في النار. و يقابلهم المرجئة القائلون بأنّه لا يضرّ مع
الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. مقالات الإسلاميّين 1: 120، الملل و
النحل 1: 105، 125.