و الثاني و هو أن يوجدا على التعاقب، فباطل أيضا
لاستحالة كون المعدوم أثرا أو مؤثّرا.
قوله: «و لا يرد علينا الأضداد»
جواب سؤال مقدّر يرد على قوله باستحالة تأثير أحد الاستحقاقين في الآخر حال
وجودهما معا أو تعاقبهما. و تقريره: أنّكم قائلون بمثل ذلك في المزاج و تفاعل
المتضادّات فيه كالحارّ و البارد، و إذا اجتمعا وجدت بينهما كيفيّة متوسّطة في
المزاج فإنّ الحارّ يؤثّر في البارد و يكسر سورته[1]، ثمّ البارد
يؤثّر في الحارّ و يكسر سورته[2]، و إذا جاز مثل ذلك في الأضداد فلم لا
يجوز هنا في الطاعة و المعصية؟
أجاب بالفرق فإنّ الأضداد لا يؤثّر أحدهما في
الآخر حتّى يصير المغلوب غالبا، بل صورة كلّ واحد منهما تؤثّر في مادّة الآخر،
بخلاف مذهبكم فإنّ عندكم كلّ واحد من الاستحقاقين مؤثّر في الآخر.
[المراد من الميزان]
قال: و أمّا المذهب الثاني- و هو أن يثاب ثمّ
يعاقب- فمتروك بالإجماع فلم يبق إلّا الثالث، و هو أن يعاقب عقابا منقطعا ثمّ يخلد
في الجنّة، و هو الحقّ المناسب للعدل. و ما عبّر عنه بالميزان، فهو كناية عن العدل
في الجزاء.
أقول: قد مرّ بيان المذهب الثاني و بطلانه،
فلا حاجة إلى إعادته. فلم يبق إلّا الوجه الثالث، و هو المناسب للعدل لأنّ فيه
توفية لكلّ من الاستحقاقين مقتضاه، و لقوله تعالى:
قوله: «و ما عبّر عنه بالميزان
...» إلى آخره. جواب سؤال مقدّر تقريره: أنّه ورد في النقل الصحيح ذكر الميزان كما
في القرآن في قوله تعالى: وَ نَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ
الْقِيامَةِ[4]. و كذا في الأخبار الصحيحة، و أنّ له كفّتين.
أجاب بالحمل على العدل في الجزاء، و إلّا
فالطاعة و المعصية عرضان فكيف