responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانوار الجلاليه نویسنده : الطوسي، الخواجة نصير الدين    جلد : 1  صفحه : 116

الماضية فإنّه أخرجه من العدم إلى الوجود، و أودع في خلقته من الحكم ما لو صرف عمره في معرفته لم يمكن معرفة جزء من ألف جزء منها، و دبّر اموره أحسن التدبير داخلة و خارجة حتّى أوصلها إلى غاية الكمال الممكن من غير سؤال. فيقيس حينئذ أحواله المستقبلة على الماضية و أنّها لا تختلف، فإذا تأمّل ذلك اعتمد على اللّه و ترك الاضطراب.

و ليس التوكّل هو ترك التصرّف في الامور بالكلّيّة، و يقول: فوّضت أمري إلى اللّه.

بل التوكّل هو أن يتيقّن أنّ ما عدا اللّه من اللّه لكن بعضها يتوقّف على شروط و أسباب، فإنّ قدرته و إرادته تعالى لا يتعلّقان بكلّ شي‌ء بل ببعض الأشياء، فما تعلّقت قدرته و إرادته به هو الذي قارنه سببه و شرطه، و ما لم يتعلّق لم يقارناه، فيكون الوجود و القدرة و الإرادة من جملة الأسباب و الشروط.

[الرضا]

الثاني: الرضا. و هو ثمرة المحبّة، و مقتض لترك الإنكار ظاهرا و باطنا اعتقادا و قولا و عملا. و مطلوب أهل الحقيقة هو أن يرضوا عن اللّه. و إنّما يحصل لهم ذلك إذا لم يختلف عندهم شي‌ء من الأحوال المتقابلة كالموت و الحياة و البقاء و الفناء و الصحّة و المرض و السعادة و الشقاوة و الغنى و الفقر، لا يخالف شي‌ء من ذلك طباعهم و لا يترجّح شي‌ء منها على الآخر عندهم لأنّهم عرفوا أنّ الجميع من اللّه، و ترسّخت محبّته في طباعهم، فلا يطلبون على إرادته مزيدا البتّة فيرضون بالحاضر كيف كان. و إذا تحقّق علم أنّ رضا اللّه من العبد إنّما يحصل إذا حصل رضا العبد من اللّه‌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ‌[1].

و صاحب مرتبة الرضا لم يزل مستريحا لأنّه لم يوجد منه: «اريد» و لا «لا اريد» لتساويهما عنده.

[التسليم‌]

الثالث: التسليم. و المراد منه أن يسلّم كلّ أمر- كان ينسبه إلى نفسه- إلى البارئ تعالى. و هذه المرتبة أعلى من مرتبة التوكّل، فإنّ التوكّل تفويض الأمر إليه من غير قطع تعلّقه به بمنزلة من و كلّ غيره في أمر من الامور فإنّه يجعل لنفسه تعلّقا به، و التسليم هو قطع هذا التعلّق. و أعلى أيضا من مرتبة الرضا، فإنّ الراضي هو أن يكون ما يفعله اللّه‌


[1]المجادلة/ 22، البيّنة/ 8.

نام کتاب : الانوار الجلاليه نویسنده : الطوسي، الخواجة نصير الدين    جلد : 1  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست