العالية في العراق من كمال الدين الموصليّ. و من
أساتذته في هذه المرحلة من حياته العلميّة:
سالم بن بدران الذي قرأ عليه «غنية النزوع في
علمي الأصول و الفروع» و أجازه في الرواية.
و شارك السيّد عليّ بن طاوس و ابن ميثم
البحرانيّ في حضور درس أبي السعادات أسعد بن عبد القاهر الأصفهانيّ، و كانت له صلة
علميّة خاصّة بابن ميثم إذ أخذ عنه الفقه، و تلقّى ابن ميثم منه الحكمة.
و هكذا نضجت شخصيّة المحقّق الطوسيّ العلميّة، و
درس عليه كثيرون في شتّى المعارف و العلوم.
حياته السياسيّة:
ممّا هو حقيق بالبحث في حياته السياسيّة هو
أوّلا لحوقه بالإسماعيليّين، و ثانيا اتّصاله بهولاكو الحاكم المغولي، و هاتان
الواقعتان قد توجبان سوء الظنّ بهذا الرجل العظيم فلنبحث أوّلا عن سبب لحوقه
بالإسماعيليّين ثمّ عن سبب اتّصاله بهولاكو.
1- أسباب لحوقه بالإسماعيليّين: زحف المغول
زحفهم الأوّل بقيادة جنكيز حاملين الدمار و الموت على إيران، فاجتاحوا فيما
اجتاحوه بلاد خراسان، و انهزم إمامهم السلطان محمّد خوارزم شاه، و انهارت بعده كلّ
مقاومة، و تساقطت المدن واحدة بعد أخرى، و كانت القوّة الوحيدة التي يمكن أن
يحتفظوا بها من زحف المغول قلاع الإسماعيليّين إذ قاومت هذه القلاع سنوات و لم
تستسلم، و لهم قلاع ب «ألموت» و ال «قومس» (سمنان و دامغان) و «قهستان». قيل:
إنّ جميع قلاعهم تبلغ مائة و خمسين، على كلّ
قلعة حاكم يقال له: «المحتشم». و كان محتشم قهستان ناصر الدين عبد الرحيم بن
أبي منصور من قبل علاء الدين محمّد زعيم الإسماعيليّين آنذاك. و كان ناصر الدين
هذا من أفاضل أهل زمانه، و كانت شهرة الطوسيّ قد وصلت إليه، فأرسل إلى الخواجة
داعيا له إلى قهستان، فقبل الدعوة و ارتحل إلى قهستان و لحق بالإسماعيليّين حفظا
لنفسه عن القتل.
و هناك رأي آخر يقول: إنّ الطوسيّ ذهب إليهم
مرغما، و أقام عندهم مكرها. نقل السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة عن درّة
الأخبار، أنّ أوامر قد صدرت إلى فدائيّى الإسماعيليّين